ممن حدها بيومين ولا اليومان بأولى من يوم فوجب أن لا يكون لها حد بل كل ما يسمى سفراً يشرع، وقد ثبت بالسنة القصر في مسافة بريد فعلم أن في الأسفار ما قد يكون بريداً وأدنى ما يسمى سفراً في كلام الشارع البريد، وأما ما دون البريد كالميل فقد ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يأتي قباء كل سبت وكان يأتيه راكباً وماشياً ولا ريب أهل قباء وغيرهم من أهل العوالي كانوا يأتون إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة ولم يقصر الصلاة هو ولا هم. وقد كانوا يأتون الجمعة من نحو ميل وفرسخ ولا يقصرون الصلاة والجمعة على من سمع النداء والنداء قد يسمع من فرسخ وليس كل من وجبت عليه الجمعة أبيح له القصر والعوالي بعضها من المدينة وإن كان اسم المدينة يتناول جميع المساكن كما قال تعالى:" وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق " وقال: " ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ".
وأما ما نقل عن ابن عمر فينظر فيه هل هو ثابت أم لا فإن ثبت فالرواية عنه مختلفة وقد خالفه غيره من الصحابة ولعله أراد إذا قطعت من المسافة ميلاً ولا ريب أن قباء من المدينة أكثر من ميل وما كان ابن عمر ولا غيره يقصرون الصلاة إذا ذهبوا إلى قباء فقصر أهل مكة الصلاة بعرفة وعدم قصر أهل المدينة الصلاة إلى قباء ونحوها مما حول المدينة دليل على الفرق والله أعلم.
والصلاة على الراحلة إذا كانت مختصة بالسفر لا تفعل إلا فيما يسمى سفراً ولهذا لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يصلي على راحلته