في خروجه إلى مسجد قباء مع أنه كان يذهب إليه راكباً وماشياً ولا كان المسلمون الداخلون من العوالي يفعلون ذلك وهذا لأن هذه المسافة قريبة كالمسافة في المصر واسم المدينة يتناول المساكن كلها فلم يكن هناك إلا أهل المدينة والأعراب كما دل عليه القرآن فمن لم يكن من الأعراب كان من أهل المدينة وحينئذ فيكون مسيره إلى قباء كأنه في المدينة فلو سوغ ذلك سوغت الصلاة في المصر على الراحلة وإلا فلا فرق بينهما.
والنبي صلى الله عليه وسلم لما كان يصلي بأصحابه جمعاً وقصر ألم يكن يأمر أحداً منهم بنية الجمع والقصر بل خرج من المدينة إلى مكة يصلي ركعتين من غير جمع ثم صلى بهم الظهر بعرفة ولم يعلمهم أنه يريد أن يصلي العصر بعدها ثم صلى بهم العصر ولم يكونوا نووا الجمع وهذا جمع تقديم وكذلك لما خرج من المدينة صلى بهم بذي الحليفة العصر ركعتين ولم يأمرهم بنية قصر وفي الصحيح أنه لما صلى إحدى صلاتي العشي وسلم من اثنتين قال له ذو اليدين: أقصرت الصلاة أم نسيت؟ قال:" لم أنس ولم تقصر " قال: بلى قد نسيت، قال:" أكما يقول ذو اليدين؟ " قالوا: نعم، فأتم الصلاة ولو كان القصر لا يجوز إلا إذا نووه لبين ذلك ولكانوا يعلمون ذلك والإمام أحمد لم ينقل عنه فيما أعلم أنه اشترط النية في جمع ولا قصر ولكن ذكره طائفة من أصحابه كالخرقي والقاضي.
وأما أبو بكر عبد العزيز وغيره فقالوا إنما يوافق مطلق نصوصه، وقالوا: لا يشترط للجمع ولا للقصر نية وهو قول الجمهور من العلماء كمالك وأبي حنيفة وغيرهما بل قد نص أحمد على أن المسافر له أن يصلي العشاء قبل مغيب الشفق وعلل ذلك بأنه يجوز له الجمع كما نقله عنه