أبو طالب والمروزي وذكر ذلك القاضي في الجامع الكبير فعلم أنه لا يشترط في الجمع النية ولا تشترط أيضاً المقارنة فإنه لما أباح أن تصلى العشاء قبل مغيب الشفق وعلله بأنه يجوز له الجمع لم يجز إن زاد به الشفق الأبيض لأن مذهبه المتواتر عنه أن المسافر يصلي العشاء بعد مغيب الشفق الأحمر وهو أول وقتها عنده وحينئذ يخرج وقت المغرب عنده فلم يكن مصلياً لها في وقت المغرب بل في وقتها الخاص، وأما في الحضر فاستحب تأخيرها إلى أن يغيب الأبيض قال لأن الحمرة قد تسترها الحيطان فيظن أن الأحمر غاب ولم يغب فإذا غاب الأبيض تيقن مغيب الحمرة فالشفق عنده في الموضعين الحمرة لكن لما كان الشك في الحضر لاستتار الشفق بالحيطان احتاط بدخول الأبيض فهذا مذهبه المتواتر عن نصوصه الكثيرة.
وقد حكى بعضهم رواية أن الشفق في الحضر الأبيض وفي السفر الأحمر وهذه الرواية حقيقتها كما تقدم وإلا فلم يقل أحمد ولا غيره من علماء المسلمين أن الشفق في نفس الأمر يختلف بالحضر والسفر وأحمد قد علل الفرق فلو حكي عنه لفظ مجمل كان المفسر من كلامه يبينه.
وقد حكى بعضهم رواية عنه أن الشفق مطلق البياض وما أظن هذا إلا غلطاً عليه وإذا كان مذهبه أن أول الشفق إذا غاب في السفر خرج وقت المغرب ودخل وقت العشاء وهو يجوز للمسافر أن يصلي العشاء قبل مغيب الشفق وعلل ذلك بأنه يجوز له الجمع علم أنه صلاها قبل مغيبها لا بعد مغيب الأحمر فإنه حينئذ لا يجوز التعليل بجواز الجمع.