للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا أصلان عظيمان: أحدهما متعلق بالله وهو الإيمان بأنه على كل شيء قدير، والثاني متعلق باليوم الآخر وهو الإيمان بأن الله يعيد هذا الميت ولو صار إلى ما يقدر صيرورته إليه مهما كان فلا بد أن الله يحييه ويجزيه بأعماله، فهذا الرجل مع هذا لما كان مؤمناً بالله في الجملة ومؤمناً باليوم الآخر في الجملة وهو أن الله يثيب ويعاقب بعد الموت فهذا عمل صالح وهو خوفه من الله أن يعاقبه على تفريط غفر له بما كان معه من الإيمان بالله واليوم الآخر، وإنما أخطأ من شدة خوفه، كما أن الذي وجد راحلته بعد إياسه منها أخطأ من شدة فرحه.

وقد وقع الخطأ كثيراً لخلق من هذه الأمة واتفقوا على عدم تكفير من أخطأ، مثل ما أنكر بعض الصحابة أن يكون الميت يسمع نداء الحي، وأنكر بعضهم أن يكون المعراج يقظة، ولبعضهم في الخلافة والتفضيل كلام، وكذلك لبعضهم في قتال بعض وتكفير بعض أقوال معروفة، وكان القاضي شريح ينكر قراءة من قرأ " بل عجبتُ " ويقول أن الله لا يعجب، فبلغ ذلك إبراهيم النخعي فقال: إنما شريح شاعر يعجبه علمه، كان عبد الله أفقه منه وكان يقرأ " بل عجبت " فهذا قد أنكر قراءة ثابتة، وأنكر صفة لله دل عليها الكتاب والسنة، واتفقت الأمة على أن شريحاً إمام من الأئمة، وكذلك بعض العلماء أنكر حروفاً من القرآن كما أنكر بعضهم: " أولم ييأس الذين آمنوا " فقال: إنما هي " أولم يتبين الذين آمنوا " وآخر أنكر " وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه " فقال: إنما هي " ووصى ربك " وبعضهم كان حذف المعوذتين، وآخر يكتب سورتي القنوت، وهذا الخطأ معفو عنه بالإجماع، وكذلك الخطأ في الفروع العلمية فإن المخطئ فيها لا يكفر ولا يفسق بل ولا يأثم، وإن كان بعض المتكلمة والمتفقهة يجعل المخطئ فيها آثماً، وبعض المتفقهة يعتقد أن كل مجتهد فيها مصيب، فهذا القولان شاذان ولم يقل أحد بتكفير المخطئ فيها، فقد أخطأ بعض السلف فيها مثل خطأ بعضهم في بعض

<<  <  ج: ص:  >  >>