ونحو ذلك من صفاته، وأما المرجئة فلا تختلف نصوصه أنه يكفرهم فإن بدعهم من جنس اختلاف الفقهاء في الفروع، وكذلك الذين يفضلون علياً على أبي بكر لا يختلف قوله أنه لا يكفرهم، وذلك قول طائفة من الفقهاء ولكن يبدعون.
قال: وعنه في تكفير من لم يكفر الجهمية روايتان أصحهما ما لا يكفر، والجهمية عند كثير من السلف مثل ابن المبارك ويوسف بن أسباط وطائفة من أصحاب أحمد ليسوا من الثلاث والسبعين فرقة التي افترقت عليها هذه الأمة، بل أصول هذه الفرق هم الخوارج والشيعة والمرجئة والقدرية.
قال: فإن الدعاء إلى المقالة أعظم من قولها (١) وإثابة قائلها، وعقوبة تاركها أعظم من مجرد الدعاء إليها.
قال: وفي الإدلالة الشرعية ما يوجب أن الله لا يعذب من هذه الأمة مخطئاً على خطأه وإن عذب المخطيء من غير هذه الأمة، فقد ثبت في الصحيح من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" قال رجل لم يعمل حسنة قط لأهله إذا مات فحرقوه ثم ذروا نصفه في البر ونصفه في البحر، فوالله لئن قدر الله عليه ليعذبنه عذاباً لا يعذبه أحداً من العالمين، فلما مات الرجل فعلوا به كما أمرهم فأمر الله البر فجمع ما فيه وأمر البحر فجمع ما فيه ثم قال: لم فعلت هذا؟ قال: من خشيتك يا رب وأنت أعلم، فغفر له " وهذا الحديث متواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم رواه أصحاب الصحيح والمساند من حديث أبي سعيد وحذيفة وعقبة بن عامر وغيرهم عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه متعددة يعلم أهل الحديث أنها تفيد العلم اليقيني وإن لم يحصل ذلك لغيرهم، فهذا الرجل قد وقع له الشك والجهل في قدرة الله تعالى على إعادة من يصل إلى الحالة التي أمر أهله أن يفعلوها به، وإن من أحرق وذري لا يقدر الله أن يعيده ويحشره إذا فعل به ذلك، وأنه ظن ذلك ظناً ولم يجزم به.
(١) هذه الجملة تعليل لمن كفروا دعاة البدعة دون سائر أهلها وكان ينبغي لابن عروة أن لا يحذف ذكرهم من تلخيصه لكلام شيخ الإسلام