علينا جمعه وقرآنه، فإذا قرأناه فاتبع قرآنه، ثم إن علينا بيانه " هو كقوله تعالى: " نتلو عليك من نبأ موسى وفرعون بالحق " وقوله: " نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن " ونحو ذلك مما يكون الرب فعله بملائكته، فإن لفظ نحن هو للواحد المطاع الذي له أعوان يطيعونه، فالرب تعالى خلق الملائكة وغيرها تطيعه الملائكة أعظم مما يطيع المخلوق أعوانه، فهو سبحانه أحق باسم نحن، وفعلنا ونحو ذلك من كل ما يستعمل.
وفي الصحيحين عن ابن عباس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعالج من التنزيل شدة وكان مما يحرك شفتيه، فقال ابن عباس: أنا أحركهما لك كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحركهما. وقال سعيد بن جبير: أنا أحركهما كما رأيت ابن عباس يحركهما، فحرك شفتيه فأنزل الله " لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه " قال: جمعه لك في صدرك وتقرأه " فإذا قرأناه فاتبع قرآنه " فإذا قرأه رسولنا، وفي لفظ: فإذا قرأه جبريل فاستمع له وأنصت " ثم إن علينا بيانه " أي نقرؤه. فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك إذا أتاه جبريل استمع، فإذا انطلق جبريل قرأه النبي صلى الله عليه وسلم كما قرأه.
وقد بين الله تعالى أنواع تكليمه لعباده في قوله: " وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً أو من وراء حجاب أو يرسل رسولاً فيوحي بإذنه ما يشاء " فبين سبحانه أن التكليم تارة يكون وحياً، وتارة من وراء حجاب كما كلم موسى، وتارة يرسل رسولاً فيوحي الرسول بإذن الله ما يشاء، وقال تعالى: " الله يصطفي من الملائكة رسلاً ومن الناس " فإذا أرسل الله تعالى رسولاً كان ذلك مما يكلم به عباده فيتلوه عليهم وينبئهم به كما قال تعالى: " قل لا تعتذروا لن نؤمن لكم قد نبأنا الله من أخباركم " وإنما نبأهم بوساطة الرسول، والرسول مبلغ به، كما قال تعالى: " يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك ".