الرسول إلا البلاغ المبين " والرسول أمر أمته بالتبليغ عنه، ففي صحيح البخاري عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " بلغوا عني ولو آية وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار ".
وقال صلى الله عليه وسلم لما خطب المسلمين: " ليبلغ الشاهد الغائب، فرب مبلغ أوعى من سامع ".
وقال صلى الله عليه وسلم: " نضر الله امرأً سمع منا حديثاً فبلغه إلى من لم يسمعه، فرب حامل فقه إلى غير فقه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ".
وفي السنن عن جابر قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعرض نفسه على الناس فيقول: " ألا رجل يحملني إلى قومه لأبلغ كلام ربي فإن قريشاً منعوني أن أبلغ كلام ربي " وكما لم يقل أحد من السلف أنه مخلوق فلم يقل أحد منهم أنه قديم، لم يقل واحداً من القولين أحد من الصحابة ولا التابعين لهم بإحسان ولا من بعدهم من الأئمة الأربعة ولا غيرهم، بل الآثار متواترة عنهم بأنهم كانوا يقولون القرآن كلام الله، ولما ظهر من قال أنه مخلوق قالوا رداً لكلامه أنه غير مخلوق، ولم يريدوا بذلك أنه مفترى كما ظنه بعض الناس فإن أحداً من المسلمين لم يقل أنه مفترى بل هذا كفر ظاهر يعلمه كل مسلم، وإنما قالوا أنه مخلوق خلقة الله في غيره فرد السلف هذا القول، كما تواترت الآثار عنهم بذلك وصنف في ذلك مصنفات متعددة وقالوا: منه بدأ وإليه يعود.
وأول من عرف أنه قال مخلوق الجعد بن درهم وصاحبه الجهم بن صفوان، وأول من عرف أنه قال هو قديم عبد الله بن سعيد بن كلاب، ثم افترق الذين شاركوه في هذا القول فمنهم من قال الكلام معنى واحد قائم بذات الرب ومعنى القرآن كله والتوراة والإنجيل وسائر كتب الله وكلامه وهو ذلك المعنى الواحد الذي لا يتعدد ولا يتبعض، والقرآن العربي لم يتكلم الله به بل هو مخلوق خلقه في غيره.
وقال جمهور العقلاء: هذا القول معلوم الفساد بالاضطرار فإنه من المعلوم بصريح العقل أن معنى آية الكرسي ليس معنى آية الدين، ولا معنى قل هو الله أحد معنى تبت يدا