وأيضاً فكونه فاعلاً لمفعول معين مقارن له أزلاً وأبداً في صريح العقل، وأيضاً فأنتم وسائر العقلاء موافقون على أن الممكن الذي لا يكون ممكناً يقبل الوجود والعدم وهو الذي جعلتموه الممكن الخاص الذي قسيمه الضروري الواجب والضروري الممتنع لا يكون إلا موجوداً تارة ومعدوماً أخرى، وأن القديم الأزلي لا يكون إلا ضرورياً واجباً يمتنع عدمه، وهذا مما اتفق عليه أرسطو وأتباعه حتى ابن سينا، وذكره في كتبه المشهورة كالشفاء وغيره، ثم تناقض فزعم أن الفلك ممكن مع كونه قديماً أزلياً ولا يزال، وزعم أن الواجب بغيره القديم الأزلي الذي يمتنع عدمه يكون ممكناً يقبل الوجود والعدم، وزعم أنه له ماهية غير وجوده، وقد بسط الكلام على فساد قول هؤلاء وتناقضه في غير هذا الموضع.
والقول الثاني للناس في كلام الله تعالى قول من يقول إن الله لم يقم به صفة من الصفات، لا حياة ولا علم ولا قدرة ولا كلام ولا إرادة ولا رحمة ولا غضب ولا غير ذلك، بل خلق كلاماً في غيره فذلك المخلوق هو كلامه، وهذا قول الجهمية والمعتزلة. وهذا القول أيضاً مخالف للكتاب والسنة وإجماع السلف، وهو مناقض لأقوال الأنبياء ونصوصهم، وليس مع هؤلاء عن الأنبياء قول يوافق قولهم، بل لهم شبه عقلية فاسدة قد بينا فسادها في غير هذا الموضع، وهؤلاء زعموا أنهم يقيمون الدليل على حدوث العالم بتلك الحجج، وهم لا الإسلام نصروا، ولا لأعدائه كسروا.
والقول الثالث قول من يقول أنه يتكلم بغير مشيئته وقدرته بكلام قائم بذاته أزلاً وأبداً، وهؤلاء موافقون لمن قبلهم في أصل قولهم، لكن قالوا الرب يقوم به الصفات ولا يقوم به ما يتعلق بمشيئته وقدرته من الصفات الاختيارية.
وأول من اشتهر عنه أنه قال هذا القول في الإسلام عبد الله بن سعيد بن