في القرآن إذا وجدت في كلام العباد مثل آدم ونوح ومحمد وإبراهيم وغير ذلك، فيقال هذه الأسماء وهذه الحروف قد تكلم الله بها لكن لم يتكلم بها مفردة، فإن الاسم وحده ليس بكلام ولكن يتكلم بها في كلامه الذي أنزله في مثل قوله:" محمد رسول الله " وقوله: " وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمناً - إلى قوله - رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي " وقوله: " إن الله اصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين " ونحو ذلك ونحن إذا تكلمنا بكلام ذكرنا فيه هذه الأسماء فكلامنا مخلوق وحروف كلامنا مخلوقة، كما قال أحمد بن حنبل لرجل: ألست مخلوقاً؟ قال: بلى، قال: أليس كلامك منك؟ قال: بلى، قال: أليس كلامك مخلوقاً؟ قال: بلى، قال: فالله تعالى غير مخلوق، وكلامه منه ليس بمخلوق.
فقد نص أحمد وغيره على أن كلام العباد مخلوق وهم إنما يتكلمون بالأسماء والحروف التي يوجد نظيرها في كلام الله تعالى، لكن الله تعالى تكلم بها بصوت نفسه وحروف نفسه وذلك غير مخلوق، وصفات الله تعالى لا تماثل صفات العباد. فإن الله تعالى ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا صفاته ولا أفعاله، والصوت الذي ينادي به عباده يوم القيامة والصوت الذي سمعه منه موسى ليس كأصوات شيء من المخلوقات، والصوت المسموع هو حروف مؤلفة وتلك لا يماثلها شيء من صفات المخلوقين، كما أن علم الله القائم بذاته ليس مثل علم عباده، فإن الله لا يماثل المخلوقين في شيء من الصفات، وهو سبحانه فقد علم العباد من علمه ما شاء كما قال تعالى:" ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء " وهم إذا علمهم الله ما علمهم من علمه فنفس علمه الذي اتصف به ليس مخلوقاً ونفس العباد وصفاتهم مخلوقة، لكن قد ينظر الناظر إلى مسمى العلم مطلقاً، فلا يقال إن ذلك العلم مخلوق لاتصاف الرب به وإن كان ما يتصف به العبد مخلوقاً.