صفة المخلوق، ثم قال هؤلاء: وصفة المخلوق مخلوقة فصفة الرب مخلوقة، فقال هؤلاء: صفة الرب قديمة فصفة المخلوق قديمة، ثم احتاج كل منهما إلى طرد أصله فخرجوا إلى أقواله ظاهرة الفساد، خرج النفاة إلى أن الله لم يتكلم بالقرآن ولا شيء من الكتب الإلهية ولا التوراة ولا الإنجيل ولا غيرهما، وأنه لم يناد موسى بنفسه نداء يسمعه منه موسى ولا تكلم بالقرآن العربي ولا التوراة العبرية، وخرج هؤلاء إلى أن ما يقوم بالعباد ويتصفون به يكون قديماً أزلياً، وأن ما يقوم بهم ويتصفون به لا يكون قائماً بهم بل يكون ظاهراً فيهم من غير قيام بهم، ولما تكلموا في حروف المعجم صاروا بين قولين: طائفة فرقت بين المتماثلين فقالت الحرف حرفان هذا قديم وهذا مخلوق، كما قال ابن حامد والقاضي أبو يعلى وابن عقيل وغيرهم، فأنكر ذلك عليهم الأكثرون وقالوا هذا مخالفة للحس والعقل فإن حقيقة هذا الحرف هي حقيقة هذا الحرف، وقالوا الحرف حرف واحد. وصنف في ذلك القاضي يعقوب البرزيني مصنفاً خالف به شيخه القاضي أبا يعلى مع قوله في مصنفه، وينبغي أن يعلم أن ما سطرته في هذه المسألة أن ذلك مما استفدته وتفرع عندي من شيخنا وإمامنا القاضي أبي يعلى ابن الفراء، وإن كان قد نصر خلاف ما ذكرته في هذا الباب، فهو العالم المقتدى به في علمه ودينه، فإني ما رأيت أحسن سمتاً منه، ولا أكثر اجتهاداً منه، ولا تشاغلاً بالعلم، مع كثرة العلم والصيانة، والانقطاع عن الناس والزهادة فيما بأيديهم، والقناعة في الدنيا باليسير، مع حسن التجمل، وعظم حشمته عند الخاص والعام، ولم يعدل بهذه الأخلاق شيئاً من نفر من الدنيا.
وذكر القاضي يعقوب في مصنفه أن ما قاله قول أبي بكر أحمد بن المسيب الطبري وحكاه عن جماعة من أفضل أهل طبرستان، وأنه سمع الفقيه عبد الوهاب بن حلبة قاضي حران يقول هو مذهب العلوي الحراني وجماعة من أهل