وذكره أبو عبد الله بن حامد عن جماعة من أهل طبرستان ممن ينتمي إلى مذهبنا كأبي محمد الكشفل وإسماعيل الكاوذري في خلق من أتباعهم يقولون إنها قديمة.
قال القاضي أبو يعلى: وكذلك حكي لي عن طائفة بالشام أنها تذهب إلى ذلك منهم النابلسي وغيره، وذكر القاضي حسين أن أباه رجع في آخر عمره إلى هذا. وذكروه عن الشريف أبي علي بن أبي موسى وتبعهم في ذلك الشيخ أبو الفرج المقدسي وابنه عبد الوهاب وسائر أتباعه وأبو الحسن بن الزاغوني وأمثاله. وذكر القاضي يعقوب أن كلام أحمد يحتمل القولين وهؤلاء تعلقوا بقول أحمد لما قيل له أن سرياً السقطي قال لما خلق الله الأحرف سجدت له إلا الألف فقالت: لا أسجد حتى أؤمر. فقال أحمد هذا كفر. وهؤلاء تعلقوا من قول أحمد بقوله: كل شيء من المخلوقين على لسان المخلوقين فهو مخلوق، وبقوله: لو كان كذلك لما تمت صلاته بالقرآن كما لا تتم بغيره من كلام الناس، ويقول أحمد لأحمد بن الحسن الترمذي: ألست مخلوقاً؟ قال: بلى، قال: أليس كل شيء منك مخلوقاً؟ قال: بلى، قال: فكلامك منك وهو مخلوق.
قلت: الذي قاله أحمد في هذا الباب صواب يصدق بعضه بعضاً، وليس في كلامه تناقض، وهو أنكر على من قال أن الله خلق الحروف، فإن من قال أن الحروف مخلوقة كان مضمون قوله إن الله لم يتكلم بقرآن عربي، وأن القرآن العربي مخلوق، ونص أحمد أيضاً على أن كلام الآدميين مخلوق، ولم يجعل شيئاً منه غير مخلوق، وكل هذا صحيح، والسري رحمه الله إنما ذكر ذلك عن بكر بن خنيس العابد، فكان مقصودهما بذلك أن الذي لا يعبد الله إلا بأمره، هو أكمل ممن يعبده برأيه من غير أمر من الله، واستشهدا على ذلك بما بلغهما أنه لما خلق الله الحروف سجدت له إلا الألف فقالت: لا أسجد حتى أؤمر، وهذا الأثر لا يقوم بمثله حجة في شيء، ولكن مقصودهما ضرب المثل أن