الألف منتصبة في الخط ليس هي مضجعة كالباء والتاء، فمن لم يفعل حتى يؤمر أكمل ممن فعل بغير أمر، وأحمد أنكر قول القائل أن الله لما خلق الحروف، وروي عنه أنه قال: من قال إن حرفاً من حروف المعجم مخلوق فهو جهمي، لأنه سلك طريقاً إلى البدعة، ومن قال إن ذلك مخلوق فقد قال إن القرآن مخلوق. وأحمد قد صرح هو وغيره من الأئمة أن الله لم يزل متكلماً إذا شاء، وصرح أن الله يتكلم بمشيئته، ولكن أتباع ابن كلاب كالقاضي وغيره تأولوا كلامه على أنه أراد بذلك إذا شاء الأسماع لأنه عندهم لم يتكلم بمشيئته وقدرته. وصرح أحمد وغيره من السلف أن القرآن كلام الله غير مخلوق، ولم يقل أحد من السلف أن الله تكلم بغير مشيئته وقدرته، ولا قال أحد منهم أن نفس الكلام المعين كالقرآن أو ندائه لموسى أو غير ذلك من كلامه المعين أنه قديم أزلي لم يزل ولا يزال، وأن الله قامت به حروف معينة أو حروف وأصوات معينة قديمة أزلية لم تزل ولا تزال، فإن هذا لم يقله ولا دل عليه قول أحمد ولا غيره من أئمة المسلمين، بل كلام أحمد وغيره من الأئمة صريح في نقيض هذا، وأن الله يتكلم بمشيئته وقدرته، وأنه لم يزل يتكلم إذا شاء، مع قولهم أن كلام الله غير مخلوق، وأنه منه بدا ليس بمخلوق ابتدأ من غيره، ونصوصهم بذلك كثيرة معروفة في الكتب الثابتة عنهم، مثل ما صنف أبو بكر الخلال في كتاب السنة وغيره، وما صنفه عبد الرحمن بن أبي حاتم من كلام أحمد وغيره، وما صنفه أصحابه وأصحاب أصحابه كابنيه صالح وعبد الله، وحنبل وأبي داود السجستاني صاحب السنن، والأثرم والمروذي وأبي زرعة وأبي حاتم والبخاري صاحب الصحيح وعثمان بن سعيد الدارمي، وإبراهيم الحربي، وعبد الوهاب الوراق وعباس بن عبد العظيم العنبري، وحرب بن إسماعيل الكرماني، ومن لا يحصى عدده من أكابر أهل العلم والدين، وأصحاب أصحابه ممن جمع كلامه واختاره كعبد الرحمن