كما قالت الجهمية أنه في الأرض ههنا، بل على العرش استوى، وقيل له كيف نعرف ربنا؟ قال فوق سمواته على عرشه بائن من خلقه.
وقال: من قال " لا إله إلا الله " مخلوق فهو كافر، وإنا نحكي كلام اليهود والنصارى ولا نستطيع أن نحكي كلام الجهمية. قال: وقال علي بن عاصم: ما الذين قالوا أن لله ولداً أكفر من الذين قالوا إن الله لا يتكلم.
قال البخاري وكان إسماعيل بن أبي إدريس يسميهم زنادقة العراق، وقيل له: سمعت أحداً يقول القرآن مخلوق؟ فقال: هؤلاء الزنادقة. قال: وقال أبو الوليد سمعت يحيى بن سعيد - وذكر له أن قوماً يقولون القرآن مخلوق - فقال: كيف يصنعون ب " قل هو الله أحد " كيف يصنعون بقوله " إني أنا الله لا إله إلا أنا "؟ قال: وقال أبو عبيد القاسم بن سلام: نظرت في كلام اليهود والمجوس فما رأيت قوماً أضل في كفرهم منهم، وإني لأستجهل من لا يكفرهم إلا من لا يعرف كفرهم، قال: وقال سليمان بن داود الهاشمي: من قال القرآن مخلوق فهو كافر، وإن كان القرآن مخلوقاً كما زعموا فلم صار فرعون أولى بأن يخلد في النار إذ قال " أنا ربكم الأعلى "؟ وزعموا أن هذا مخلوق والذي قال " إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني " هذا أيضاً قد ادعى ما ادعى فرعون، فلم صار فرعون أولى أن يخلد في النار من هذا؟ وكلاهما عنده مخلوق. فأخبر بذلك أبو عبيد فاستحسنه وأعجبه.
ومعنى كلام هؤلاء السلف رضي الله عنهم: إن من قال أن كلام الله مخلوق خلقه في الشجرة أو غيرها كما قال هذا الجهمي المعتزلي المسؤول عنه، كان حقيقة قوله أن الشجرة هي التي قالت لموسى " إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدوني " ومن قال هذا مخلوق قال ذلك، فهذا المخلوق عنده كفرعون الذي قال: أنا ربكم الأعلى، كلاهما مخلوق، وكلاهما قال ذلك، فإن كان قول فرعون كفراً فقول هؤلاء أيضاً كفر. ولا ريب أن قول هؤلاء يؤول إلى قول فرعون وإن كانوا لا يفهمون