يتكلم إذا شاء ويسكت إذا شاء كما أنه سبحانه وتعالى خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش، وأنه سبحانه استوى إلى السماء وهي دخان وأنه سبحانه يأتي في ظلل من الغمام والملائكة، كما قال " وجاء ربك والملك صفاً صفاً " وقال: " هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك " وقال تعالى " إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون " وقال تعالى " وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون " وأمثال ذلك في القرآن والحديث كثير، يبين الله سبحانه أنه إذا شاء فعل ما أخبر عنه من تكليمه وأفعاله القائمة بنفسه، وما كان قائماً بنفسه هو كلامه لا كلام غيره، والمخلوق لا يكون قائماً بالخالق، ولا يكون الرب محلاً للمخلوقات، بل هو سبحانه يقوم به ما شاء من كلماته وأفعاله، وليس من ذلك شيء مخلوقاً، إنما المخلوق ما كان بائناً عنه، وكلام الله من الله ليس ببائن منه، ولهذا قال السلف: القرآن كلام الله غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود، فقالوا: منه بدا، أي هو المتكلم به لا أنه خلقه في بعض الأجسام المخلوقة.
وهذا الجواب هو جواب أئمة أهل الحديث والتصوف والفقه وطوائف من أهل الكلام من أئمتهم من الهشامية والكرامية وغيرهم وأتباع الأئمة الأربعة أصحاب أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد، منهم من يختار جواب الصنف الأول، وهم الذين يرتضون قول ابن كلاب في القرآن، وهم طوائف من متأخري أصحاب مالك والشافعي وأحمد وأبي حنيفة، ومنهم من يختار جواب الصنف الثاني، وهم الطوائف الذين ينكرون قول ابن كلاب ويقولون أن القرآن قديم كالساليمة وطوائف من أصحاب مالك والشافعي وأحمد وأبي حنيفة، ومنهم من يختار جواب الطائفة الثالثة، وهم الذين ينكرون قول الطائفتين المتقدمتين الكلابية والسالمية.
ثم من هؤلاء من يقول بقول الكرامية، والكرامية ينتسبون إلى أبي حنيفة، ومنهم من لا يختار قول الكرامية أيضاً لما فيه من تناقض آخر، بل يقول بقول أئمة