للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الروح الأمين على محمد صلى الله عليه وسلم وخاتم النبيين والمرسلين وأن جبريل سمعه من الله والنبي صلى الله عليه وسلم سمعه من جبريل، والمسلمون سمعوه من النبي صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى: " قل نزله روح القدس من ربك بالحق " وقال: " والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق " فقد أصاب في ذلك، فإن هذا مذهب سلف الأمة وأئمتها والدلائل على ذلك كثيرة من الكتاب والسنة والإجماع.

ومن قال: إن القرآن العرب لم يتكلم الله به وإنما هو كلام جبريل أو غيره عبر به عن المعنى القائم بذات الله، كما يقول ذلك ابن كلاب والأشعري ومن وافقهما فهو قول باطل من وجوه كثيرة.

فإن هؤلاء يقولون: إنه معنى واحد قائم بالذات، وأن معنى التوراة والإنجيل والقرآن واحد، وأنه لا يتعدد ولا يتبعض، وأنه إن عبر عنه بالعربية كان قرآناً وبالعبرانية كان توراة وبالسريانية كان إنجيلاً فيجعلون معنى آية الكرسي وآية الدين و " قل هو الله أحد " " تبُّت يدا أبي لهب " والتوراة والإنجيل وغيرهما معنى واحداً، وهذا قول فاسد بالعقل والمشاهدة وهو قول أحدثه ابن كلاب لم يسبقه إليه غيره من السلف.

وإن أراد القائل بالحرف والصوت أن الأصوات المسموعة من القراء، والمداد الذي في المصاحف قديم أزلي، أخطأ وابتدع، وقال ما يخالف العقل والشرع، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " زينوا القرآن بأصواتكم " فبين أن الصوت صوت القارئ، والكلام كلام البارئ، كما قال تعالى " وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله " فالقرآن الذي يقرأه المسلمون كلام الله لا كلام غيره كما ذكر الله ذلك، وفي السنن عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعرض نفسه على الناس بالموسم فيقول: " ألا رجل يحملني إلى قومه لأبلغ كلام ربي فإن قريشاً قد منعوني أن أبلغ كلام ربي ".

وقالوا لأبي بكر الصديق لما قرأ عليهم

<<  <  ج: ص:  >  >>