أنه لم يتجدد شيء موجود بل تعلق معدوم، إلى أمثال هذه المقالات التي خالفوا فيها نصوص الكتاب والسنة مع مخالفة صريح العقل.
والذي ألجأهم لذلك موافقتهم للجهمية على أصل قولهم في أنه سبحانه لا يقدر في الأزل على الفعل والكلام وخالفوا السلف والأئمة في قولهم: لم يزل الله متكلماً إذا شاء ثم افترقوا أحزاباً أربعة كما تقدم: الخلقية، والحدوثية، والاتحادية، والاقترانية.
وشر من هؤلاء الصابئة والفلاسفة الذين يقولون أن الله لم يتكلم لا بكلام قائم بذاته ولا بكلام يتكلم به بمشيئته وقدرته لا قديم النوع ولا قديم العين ولا حادث ولا مخلوق بل كلامه عندهم ما يفيض على نفوس الأنبياء، ويقولون أنه كلم موسى من سماء عقله، وقد يقولون أنه تعالى يعلم الكليات دون الجزئيات فإنه إنما يعلمها على وجه كلي، ويقولون مع ذلك أنه يعلم نفسه ويعلم ما يفعله.
وقولهم بعلم نفسه ومفعولاته حقن كما قال تعالى " ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير " لكن قولهم مع ذلك: إنه لا يعلم الأعيان المعينة جهل وتناقض فإن نفسه المقدسة معينة والأفلاك معينة وكل موجود معين، فإن لم يعلم المعينات لم يعلم شيئاً من الموجودات، إذ الكليات إنما تكون في الأذهان لا في الأعيان، فمن لم يعلم إلا الكليات لم يعلم شيئاً من الموجودات تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً.
وهم إنما ألجأهم إلى هذا الحد فرارهم من تجدد الأحوال للبارئ تعالى، مع أن هؤلاء يقولون أن الحوادث تقويم بالقديم وأن الحوادث لا أول لها، لكن نفوا ذلك عن البارئ لاعتقادهم أنه لا صفة له بل هو وجود مطلق، وقالوا أن العلم نفس عين العالم، والقدرة نفس عين القادر والعلم والعالم شيء واحد، والمريد والإرادة شيء واحد، فجعلوا هذه الصفة هي الأخرى وجعلوا الصفات هي الموصوف.
ومنهم من يقول بل العلم كل المعلوم كما يقوله الطوسي صاحب شرح الإشارات فإنه أنكر على ابن سينا إثباته لعلمه بنفسه وما يصدر عن نفسه، وابن