والتحقيق أن المطلق بلا شرط أصلاً يدخل فيه المقيد المعين، وأما المطلق بشرط الإطلاق فلا يدخل فيه المعين المقيد، وهذا كما يقول الفقهاء: الماء المطلق، فإنه بشرط الإطلاق فلا يدخل فيه المضاف. فإذا قلنا: الماء ينقسم إلى ثلاثة أقسام: طهور، وطاهر ونجس، فالثلاثة أقسام الماء. الطهور هو الماء المطلق الذي لا يدخل ما ليس بطهور كالعصارات والمياه النجسة. فالماء المقسوم هو المطلق لا بشرط، والماء الذي هو قسيم للمائين هو المطلق بشرط الإطلاق.
لكن هذا الإطلاق والتقييد الذي قاله الفقهاء في اسم الماء إنما هو في الإطلاق والتقييد اللفظي وهو ما دخل في اللفظ المطلق كلفظ ماء، أو في اللفظ المقيد كلفظ ماء نجس، أو ماء ورد.
وأما ما كان كلامنا فيه أولاً فإنه الإطلاق والتقييد في معاني اللفظ، ففرق بين النوعين. فإن الناس يغلطون لعدم التفريق بين هذين غلطاً كثيراً جداً، وذلك أن كل اسم فإما أن يكون مسماه معيناً لا يقبل الشركة كأنا وهذا وزيد، ويقال له المعين والجزء، وإما أن يقبل الشركة فهذا الذي يقبل الشركة هو المعنى الكلي المطلق وله ثلاث اعتبارات كما تقدم.
وأما اللفظ المطلق والمقيد فمثال تحرير رقبة، ولم تجدوا ماء، وذلك أن المعنى قد يدخل في مطلق اللفظ، ولا يدخل في اللفظ المطلق، أي يدخل في اللفظ لا بشرط الإطلاق، ولا يدخل في اللفظ بشرط الإطلاق، كما قلنا في لفظ الماء، وأن الماء يقال على المني وغيره كما قال (من ماء دافق) ويقال: ماء الورد، لكن هذا لا يدخل في لفظ الماء عند الإطلاق لكن عند التقييد. فإذا أخذ القدر المشترك بين لفظ الماء المطلق ولفظ الماء المقيد فهو المطلق بلا شرط الإطلاق، فيقال: الماء ينقسم إلى مطلق ومضاف، ومورد التقسيم ليس له اسم مطلق لكن بالقرينة يقتضي الشمول والعموم، وهو قولنا الماء ثلاثة أقسام. فهنا أيضاً