للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحق فيه، أو نحو ذلك من الألفاظ التي يطلقها هؤلاء الاتحادية في هذا الموضع مثل قولهم: ظهر الحق، وتجلى، وهذه مظاهر الحق ومجاليه، وهذا مظهر إلهي ومجلى إلهي، ونحو ذلك - أتعني به أن عين ذاته حصلت هناك؟ أو تعني به أنه صار ظاهراً متجلياً لها بحيث تعلمه؟ أو تعني به أن ظهر لخلقه بها وتجلى بها وأنه ما ثم قسم رابع؟ فإن عنيت الأول - وهو قول الاتحادية - فقد صرحت بأن عين المخلوقات حتى الكلاب والخنازير والنجاسات والشياطين الكفار هي ذات الله، أو هي ودات الله متحدتان، أو ذات الله حالة فيها، وهذا الكفر أعظم من كفر الذين قالوا (إن الله هو المسيح بن مريم، وإن الله هو ثالث ثلاثة) وإن الله يلد ويولد. وأن له بنين وبنات. وإذا صرحت بهذا عرف المسلمون قولك فألحقوك ببني جنسك (١) فلا حاجة إلى ألفاظ مجملة يحسبها الظمآن ماء. ويا ليته إذا جاءها لم يجدها شيئاً، بل يجدها سماً نافعاً.

وإن عنيت أنه صار ظاهراً متجلياً لها، فهذا حقيقة أمر صار معلوماً لها، ولا ريب أن الله يصير معروفاً لعبده. لكن كلامك في هذا باطل من وجهين: من جهة أنك جعلته معلوماً للمعدومات التي لا وجود لها لكونه قد علمها، واعتقدت أنها إذا كانت معلومة يجوز أن تصير عالمة، وهذا عين الباطل: من جهة أنه إذا علم أن الشيء سيكون لم يجز أن يكون هذا قبل وجوده عالماً قادراً فاعلاً. ومن جهة أن هذا ليس حكم جميع الكائنات المعلومة، بل بعضها هو الذي يصح منه العلم.

وأما إن قلت أن الله يعلم بها لكونها آيات دالة عليه، فهذا حق، وهو دين المسلمين


(١) بهذا صرح شيخ الاسلام أن غرضه من هذه الالزامات الباطلة بيان خروجهم بها عن دائرة الإسلام الذي يلبسون بادعائهم اياه على المسلمين بانهم من أوليائه العارفين. وليس غرضه أنه ألزمهم ما يلتزمونه ولا يعتقدونه

<<  <  ج: ص:  >  >>