المسمى بالروح الإضافي، فذكر في هذا الكلام ظهور الوجود وظهور العالم، وقد تقدم أن الحق كان ولم يكن معه شيء، وهو متجلى بنفسه بوحدته الذاتية، وأنه لما نزلت الخلية ظهرت عقدة حقيقة النبوة، فصارت مرآة لانعكاس الوجود فظهر الحق فيه بصورة وصفة واصفاً.
وقد ذكر في هذا الكلام الحق المواجه إليها والوجود الأعلى الذي ظهر، فهذا الحق والطرف الذي لها إلى الحق، فقد ذكر هنا ثلاثة أشياء: الحق، والوجود، والطرف، وقد جعل فيما تقدم الحق هو الوجود المطلق الذي انعكس، وهو الحق الذي ظهر فيه واصفاً، فتارة يجعل الحق هو الوجود المطلق، وتارة يجعل الوجود المطلق قد ظهر في هذا الحق، وهذا تناقض.
ثم يقال له: هذان عندك عبارة عن الرب تعالى فقد جعلته ظاهراً وجعلته مظهراً، فإن عنيت بالظهور الوجود فيكون الرب قد وجد مرة بعد مرة، وهذا كفر شنيع، فكيف يتصور تكرر وجوده؟ وكيف يتصور أن يكون قد وجد في نفسه بعد أن لم يكن موجوداً في نفسه؟ وإن عنيت الوضوح والتجلي، وليس (١) هناك مخلوق يظهر له ويتجلى إذ العالم بعد لم يخلق، وأنت قلت ظهر الحق فيه واصفاً، وسميته الرحمن، ولم تجعل ظهوره معلوماً ولا مشهوراً، فكيف يتصور أن يكون متجلياً لنفسه بعد أن لم يكن متجلياً؟ فإن هذا وصف له بأنه لم يكن يعلم نفسه حتى علمها.
وأيضاً فقد قلت: أنه كان متجلياً لنفسه بوحدته، فهذا كفر وتناقض.
الوجه السادس: أن هذا التحير والتناقض مثل تحير النصارى وتناقضهم في الأقانيم. فإنهم يقولون: الأب والابن وروح القدس ثلاثة آلهة، وهي إله واحد. والمتدرع بناسوت المسيح هو الابن، ويقولون: هي الوجود، والعلم، والحياة، والقدرة.