فيقال لهم: إن كانت هذه صفات فليست آلهة، ولا يتصور أن يكون المتدرع بالمسيح إلهاً إلا أن يكون هو الأب، وإن كانت جواهر وجب أن لا تكون إلهاً واحداً، لأن الجواهر الثلاثة لا تكون جوهراً واحداً. وقد يمثلون ذلك بقولنا زيد العالم القادر الحي، فهي بكونه عالماً ليس هو بكونه قادراً. فإذا قيل لهم هذا كله لا يمنع أن يكون ذاتاً واحدة لها صفات متعددة وأنهم لا يقولون ذلك. (١)
وأيضاً فالمتحد بالمسيح إذا كان إلهاً امتنع أن يكون صفة، وإنما يكون هو الموصوف. وأنتم لا تقولون بذاك، فما هو الحق لا تقولونه وما تقولونه ليس بحق، وقد قال تعالى (يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق) فالنصارى حيارى متناقضون، إن جعلوا الأقنوم صفة امتنع أن يكون المسيح إلهاً، وإن جعلوه جوهراً امتنع أن يكون الإله واحداً، وهم يريدون أن يجعلوا المسيح الله ويجعلوه ابن الله، ويجعلوا الأب والابن وروح القدس إلهاً واحداً. ولهذا وصفهم الله في القرآن بالشرك تارة، وجعلهم قسماً غير المشركين تارة، لأنهم يقولون الأمرين وإن كانوا متناقضين.
وهكذا حال هؤلاء فإنهم يريدون أن يقولوا بالاتحاد وأنه ما ثم غيره، ويريدون أن يثبتوا وجود العالم، فجعلوا ثبوت العالم في علمه وهو شاهد له، وجعلوه متجلياً لذلك المشهود له، فإذا تجلى فيه كان هو المتجلى لا غيره. وكانت تلك الأعيان المشهودة هي العالم.
وهذا الرجل وابن عربي يشتركان في هذا ولكن يفترقان من وجه آخر. فإن ابن عربي يقول: وجود الحق ظهر في الأعيان الثابتة في نفسها. فإن شئت قلت هو الحق، وإن شئت قلت هو الخلق، وإن شئت قلت هو الحق والخلق، وإن شئت قلت لا حق من كل وجه ولا خلق من كل وجه، وإن شئت قلت
(١) سقط جواب إذا أو تركه للعلم به: وتقديره انقطعوا