للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هؤلاء الكفار إن أظهروا، ومنافقون إن أبطنوا، وهؤلاء الأجناس وإن كانوا قد كثروا في هذه الأزمان، فلقلة دعاة العلم والإيمان، وفتور آثار الرسالة في أكثر البلدان، وأكثر هؤلاء ليس عندهم من آثار الرسالة وميراث النبوة ما يعرفون به الهدى وكثير منهم لم يبلغهم ذلك. وفي أوقات الفترات وأمكنة الفترات يثاب الرجل على ما معه من الإيمان القليل، ويغفر الله فيه لمن لم يقم الحجة عليه ما لا يغفر به لمن قامت الحجة عليه كما في الحديث المعروف " يأتي على الناس زمان لا يعرفون فيه صلاة ولا صياماً ولا حجاً ولا عمرة إلا الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة ويقولون أدركنا آباءنا وهم يقولون: لا إله إلا الله " فقيل لحذيفة بن اليمان: ما تغني عنهم لا إله إلا الله؟ فقال: تنجيهم من النار تنجيهم من النار تنجيهم من النار.

وأصل ذلك أن المقالة التي هي كفر بالكتاب أو السنة أو الإجماع يقال هي كفر قولاً يطلق كما دل على ذلك لدليل الشرعي فإن الإيمان من الأحكام المتلقاة عن الله ورسوله ليس ذلك مما يحكم فيه الناس بظنونهم وأهوائهم، ولا يجب أن يحكم كل شخص قال ذلك بأنه كافر حتى يثبت في حقه شروط التكفير وتنفى موانعه، مثل من قال إن الخمر أو الربا حلال لقرب عهده بالإسلام أو لنشوئه في بادية بعيدة، أو سمع كلاماً (١) أنكره ولم يعتقد أنه من القرآن ولا أنه من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم كما كان بعض السلف ينكر أشياء حتى يثبت عنده أن النبي صلى الله عليه وسلم قالها وكما كان الصحابة يشكون في أشياء مثل رؤية الله وغير ذلك حتى يسألوا عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ومثل الذي قال: إذا أنا مت فاسحقوني وذروني في اليم لعلي أضل عن الله ونحو ذلك فإن هؤلاء لا يكفرون حتى تقوم عليهم الحجة بالرسالة كما قال الله تعالى: " لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل " وقد عفا الله لهذه الأمة عن الخطأ والنسيان، وقد أشبعنا الكلام في القواعد التي في هذا الجواب في أماكنها والفتوى لا تحتمل البسط أكثر من هذا.

فصل: وأما النذر للقبور أو لسكان القبور أو العاكفين على القبور سواء كانت قبور الأنبياء أو الصالحين فهو نذر حرام باطل يشبه النذر للأوثان


(١) لعله سقط من هنا وصف لهذا بأنه " من كلام الله أو رسوله (ص) "

<<  <  ج: ص:  >  >>