للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سواء كان نذر زيت أو شمع أو غير ذلك، قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لعن الله زوار القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج " (١) وقال: " لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " يحذر ما فعلوا (٢) ، وقال: " إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك " (٣) ، وقال: " اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد من بعدي " (٤) .

وقد اتفق أئمة الدين على أنه لا يشرع بناء المساجد على القبور، ولا أن تعلق عليها الستور، ولا أن ينذر لها النذور، ولا أن يوضع عندها الذهب والفضة، بل حكم هذه الأموال أن تصرف في مصالح المسلمين إذا لم يكن لها مستحق معين، ويجب هدم كل مسجد بني على قبر كائناً من كان الميت فإن ذلك من أكبر أسباب عبادة الأوثان كما قال تعالى: " وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن وداً ولا سواعاً ولا يغوث ويعوق ونسراً وقد أضلوا كثيراً ".

وقال طائفة من السلف: هذه أسماء قوم صالحين لما ماتوا عكفوا على قبورهم ثم عبدوهم، ومن نذر لها نذراً لم يجز له الوفاء لما ثبت في الصحاح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه " وعليه كفارة يمين (٥) ولما روي عنه أنه قال: " لا نذر في معصية وكفارته كفارة يمين " (٦) .

ومن العلماء من لا يوجب عليه الاستغفار والتوبة، ومن الحسن أن يصرف ما نذره في نظير من المشروع مثل أن يصرف الدهن إلى تنوير المساجد والنفقة


(١) رواه أبو داود والترمذي والنسائي والحاكم من حديث ابن عباس بلفظ زائرات وسنده صحيح، و" لعن الله زوارات القبور" حديث صحيح أيضا
(٢) رواه الشيخان وغيرهما عن عائشة وفي بعض الروايات تعليل آخر لهذا اللعن غير تحذير المسلمين عن اتخاذ القبور مساجد وهو قولها: ولولا ذلك لأبرز قبره غير أنه خشي أن يتخذ مسجداً
(٣) هذه الجملة من حديث آخر لها في الموضوع عند مسلم وهنالك ألفاظ أخرى بمعنى واحد وصرحت بأنه (ص) قال ذلك في مرضه الأخير قبل وفاته بخمسة أيام
(٤) رواه مالك في الموطأ
(٥) رواه أحمد والبخاري وأصحاب السنن الأربعة عن عائشة
(٦) رواه أحمد وأصحاب السنن عنها أيضا وهو صحيح

<<  <  ج: ص:  >  >>