ولا ينكر القرآن في الظاهر، وهؤلاء جحدوا الرب وأشركوا به كل شيء وافتروا هذه الكتب التي قد يزعمون أنها أعظم من القرآن، ويفضلون نفوسهم على النبي صلى الله عليه وسلم من بعض الوجوه، كما قد صرح به صاحب الفصوص عن خاتم الأولياء.
وحدثني الثقة عن الفاجر التلمساني أنه كان يقول: القرآن كله شرك ليس فيه توحيد وإنما التوحيد في كلامنا.
وأما الضلال والحيرة فما مدح لله ذلك قط ولا قول النبي صلى الله عليه وسلم " زدني فيك تحيراً " ولم يرو هذا الحديث أحد من أهل العلم بالحديث، ولا هو في شيء من كتب الحديث، ولا في شيء من كتب من يعلم الحديث، بل ولا من يعرف الله ورسوله، وكذلك احتجاجه بقوله (كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا) وإنما هذا حال المنافقين المرتدين، فإن الضلال والحيرة مما ذمه الله في القرآن، قال الله تعالى في القرآن (قل أندعو من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا ونرد على أعقابنا بعد إذ هدانا الله كالذي استوته الشياطين في الأرض حيران) الآية.
وهكذا يريد هؤلاء الضالون أن يفعلوا بالمؤمنين، يريدون أن يدعوا من دون الله ما لا يضربهم ولا ينفعهم، وهي المخلوقات والأوثان، والأصنام وكل ما عبد من دون الله، ويريدون أن يردوا المؤمنين على أعقابهم، يردونهم عن الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت، ويصيروا حائرين ضالين كالذي استهوته الشياطين في الأرض حيران له أصحاب يدعونه إلى الهدى: ائتنا وقال تعالى (ونقلب أفئدتهم وأبصارهم - إلى قوله - يعمهون) أي يحارون ويترددون وقال تعالى (اهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم، غير المغضوب عليهم ولا الضالين) فأمر بأن نسأله هداية الصراط المستقيم صراط الذين أنعم عليهم المغايرين للمغضوب عليهم وللضالين. وهؤلاء يذمون الصراط المستقيم ويمدحون طريق أهل الضلال والحيرة، مخالفة لكتب الله ورسله، ولما فطر الله عليه عباده من العقول والألباب.