للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ففيها فعل المعروف بلا أجرة مع الحاجة إذا كان لذرية قوم صالحين.

الوجه الثامن أنه قال: ولما مثل النبي صلى الله عليه وسلم النبوة بالحائط إلى آخر كلامه وهو متضمن أن العلم نوعان (أحدهما) علم الشريعة وهو يأخذه عن الله كما يأخذ النبي فإنه قال والسبب الموجب لكونه رآها لبنتين أنه تابع لشرع خاتم الرسل في الظاهر وهو موضع اللبنة الفضية وهو ظاهره وما يتبعه فيه من الأحكام كما هو آخذ عن الله في السر ما هو بالصورة الظاهرة متبع فيه لأنه يرى الأمر على عليه فلا بد أن يراه هكذا.

وهذا الذي زعمه من أن الولي يأخذ عن الله في السر ما يتبع فيه الرسل كأئمة العلماء مع اتباعهم، فيه من الاتحاد ما لا يخفى على من يؤمن بالله ورسله، فإن هذا يدعي أنه أوتي مثل ما أوتي رسل الله، ويقول أنه أوحي إلي ولم يوح إليه شيء، ويجعل الرسل بمنزلة معلمي الطب والحساب والنحو وغير ذلك إذا عرف المتعلم الدليل الذي قال به معلمه فينبغي موافقته لمشاركته له في العلم لا لأنه رسول وواسطة من الله إليه في تبليغ الأمر والنهي. وهذا الكفر يشبه كفر مسيلمة الكذاب ونحو ممن يدعي أنه مشارك للرسول في الرسالة، وكان يقول مؤذنه أشهد أن محمد ومسيلمة رسولا الله.

والنوع الثاني علم الحقيقة وهو فيه فرق الرسول كما قال هو موضع اللبنة الذهبية في الباطن، فإنه أخذ من المعدن الذي يأخذ منه الملك الذي يوحي به إلى الرسول، فقد ادعى أن هذا العلم الذي هو موضع اللبنة الذهبية وهو علم الباطن والحقيقة هو فيه فوق الرسول لأنه يأخذه من حيث يأخذ الملك العلم الذي يوحي به إلى الرسول، والرسول يأخذه من الملك، وهو أخذه من فوق الملك، من حيث يأخذه الملك، وهذا فوق دعوى مسيلمة الكذاب، فإن مسيلمة لم يدع أنه أعلا من الرسول في علم من العلوم الإلهية، وهذا ادعى أنه فوقه في العلم بالله.

<<  <  ج: ص:  >  >>