للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحده لا شريك له، وأن لا يجعلوا مع الله إلها آخر، والإله من يألهه القلب عبادة واستعانة وإجلالاً وإكراماً وخوفاً ورجاءً كما هو حال المشركين في آلهتهم، وإن اعتقد المشرك أن ما يألهه مخلوق مصنوع كما كان المشركون يقولون في تلبيتهم: لبيك لا شريك لك، إلا شريكاً هو لك، تملكه وما ملك، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لحصين الخزاعي: " يا حصين كم تعبد " قال: أعبد سبعة آلهة، ستة في الأرض وواحد في السماء، قال: " فمن ذا الذي تعبده لرغبتك ورهبتك " قال: الذي في السماء، قال: " يا حصين فأسلم حتى أعلمك كلمات ينفعك الله بهن " فلما أسلم قال: " قل اللهم ألهمني رشدي وقني شر نفسي ".

فصل: وأما من زعم أن الملائكة والأنبياء تحضر سماع المكاء والتصدية (١) ، محبة له ورغبة فيه فهو كاذب مفتر، بل إنما تحضره الشياطين وهي تنزل عليهم وتنفخ فيهم كما روى الطبراني وغيره عن ابن عباس مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم: " إن الشيطان قال: يا رب اجعل لي بيتاً، قال: بيتك الحمام، قال: اجعل لي قرآناً، قال: قرآنك الشعر، قال: اجعل لي مؤذناً، قال: مؤذنك المزمار " وقد قال تعالى في كتابه مخاطباً للشيطان: " واستفزز من استطعت منهم بصوتك " وقد فسر ذلك طائفة من السلف بصوت الغناء وهو شامل له ولغيره من الأصوات المستفزة لأصحابها عن سبيل الله.

وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إنما نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين صوت لهو ولعب ومزامير الشيطان، وصوت لطم خدود وشق جيوب ودعاء بدعوى الجاهلية ذات المكاء والتصدية ".

وكيف يذر الشيطان (٢) عليهم حتى يتواجدوا الوجد الشيطاني حتى إن بعضهم صار يرقص فوق رؤوس الحاضرين. ورأى بعض المشايخ المكاشفين أن شيطانه قد حمله حتى رقص به فلما صرخ قال: هرب شيطانه وسقط ذلك الرجل.

وهذه الأمور لها أسرار وحقائق لا يشهدها إلا أهل البصائر الإيمانية والمشاهد


(١) المكاء بالضم هو صفير الطائر والتصدية الصوت الذي يجري مجرى الصدى وما يرجع عن غيره بالانعكاس وفسر بالتصفيق قال تعالى في الجاهلية (وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية)
(٢) كذا في الأصل

<<  <  ج: ص:  >  >>