الإيقانية، ولكن من اتبع ما جاءت به الشريعة، وأعرض عن السبل المبتدعة، فقد حصل له الهدى وخير الدنيا والآخرة، وإن لم يعرف حقائق الأمور بمنزلة من سلك السبيل إلى مكة خلف الدليل الهادي فإنه يصل إلى مقصوده ويجد الزاد والماء في مواطنه، وإن لم يعرف كيف يحصل ذلك وسببه، ومن سلك خلف غير الدليل الهادي كان ضالاً عن الطريق، فإما أن يهلك، وإما أن يشقى مدة ثم يعود إلى الطريق، والدليل الهادي هو الرسول الذي بعثه الله إلى الناس بشيراً نذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وهادياً إلى صراط مستقيم، صراط الله الذي له ملك السموات والأرض وآثار الشيطان تظهر على أهل السماع الجاهلي مثل الإزباد والإرعاد والصرخات المنكرة ونحو ذلك ما يجدون في نفوسهم من ثوران مراد الشيطان بحسب الصوت، إما وجد في الهوى مذموم، وإما غضب وعدوان على من هو مظلوم، وإما لطم وشق ثياب وصياح كصياح المخزون المحروم، إلى غير ذلك من الآثار الشيطانية التي تعتري أهل الاجتماع على شرب الخمر إذا سكروا بها فإن السكر بالأصوات المطربة قد تصير من جنس الإسكار بالأشربة المطربة فتصدهم عن ذكر الله وعن الصلاة، وتمنع قلوبهم حلاوة القرآن وفهم معانيه وإتباعه، فيصيرون مضارعين للذين يشترون لهو الحديث ليضلوا عن سبيل الله، ويوقع بينهم العداوة والبغضاء حتى بقتل بعضهم بعضاً بأحواله الفاسدة الشيطانية كما يقتل العائن من أصابه بعينه، ولهذا قال من قال من العلماء: إن هؤلاء يجب عليهم القود أو الدية إذا عرف أنهم قتلوا بالأحوال الشيطانية الفاسدة لأنهم ظالمون وهم إنما يغتبطون بما ينفذونه من موادهم المحرمة كما يغتبط الظلمة المسلطون ومن هذا الجنس حال خفراء الكافرين والمبتدعين والظالمين فإنهم قد يكون لهم زهد وعبادة وهمة كما يكون للمشركين وأهل الكتاب، وكما كان للخوارج المارقين الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم:" يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم وقراءته مع قراءتهم، يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، أينما لقيتموها فاقتلوهم فإن في قتلهم أجراً عند الله لمن قتلهم يوم القيامة " وقد يكون لهم مع ذلك أحوال باطنة كما يكون