لهم ملكة ظاهرة فإن سلطان الباطن معناه السلطان الظاهر ولا يكون من أولياء الله إلا من كان من الذين آمنوا وكانوا يتقون، وما فعلوه من الإعانة على الظلم فهم يستحقون العقاب عليه بقدر الذنب وباب القدرة والتمكن باطناً والتمكن وظاهراً ليس مستلزماً لولاية الله تعالى بل قد يكون ولي الله متمكناً ذا سلطان وقد يكون مستضعفاً إلى أن ينصره الله، وقد يكون عدو الله مستضعفاً وقد يكون سلطاناً إلى أن ينتقم الله منه، فخفراء التتار في الباطن من جنس التتار في الظاهر هؤلاء في العباد، بمنزلة هؤلاء في الأجناد. وأما الغلبة فإن الله قد يديل الكافرين على المؤمنين تارة كما يديل المؤمنين على الكافرين، كما كان يكون لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مع عدوهم، لكن العاقبة للمتقين، فإن الله يقول:" إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد " وإذا كان في المسلمين ضعف وكان العدو مستظهراً عليهم كان ذلك بسبب ذنوبهم وخطاياهم إما لتفريطهم في أداء الواجبات باطناً وظاهراً، وإما بعدوانهم بتعدي الحدود باطناً وظاهراً، وقال الله تعالى:" إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا " وقال تعالى: " أو لما أصابتكم قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا؟ قل هو من عند أنفسكم " وقد قال تعالى: " ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز، الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور ".
فصل: وأما هذه المشاهد المشهورة فمنها ما هو كذب قطعاً مثل المشهد الذي بظاهر دمشق المضاف إلى أبي بن كعب والمشهد الذي في ظاهرها المضاف إلى أويس القرني والمشهد الذي في سفح لبنان المضاف إلى نوح عليه السلام والمشهد الذي بمصر المضاف إلى الحسين - إلى غير ذلك من المشاهد التي يطول شرحها بالشام والعراق ومصر وسائر الأمصار حتى قال طائفة من العلماء منهم عبد العزيز الكناني: كل هذه القبور المضافة إلى الأنبياء لا يصح فيها إلا قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقد أثبت غيره قبر الخليل عليه السلام أيضاً، وأما مشهد علي فعامة العلماء على أنه ليس قبره بل قد قيل إنه قبر المغيرة بن شعبة وذلك أنه إنما