للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد تبين أن في هذا الكلام من الكفر والتنقيص بالرسل والاستخفاف بهم والغض منهم والكفر بهم وبما جاؤوا به ما لا يخفى على مؤمن، وقد حدثني أحد أعيان الفضلاء أنه سمع الشيخ إبراهيم الجعبري رحمة الله عليه يقول: رأيت ابن عربي وهو شيخ نجس يكذب بكل كتاب أنزله الله وبكل نبي أرسله الله. ولقد صدق فيما قال، ولكن هذا بعض الأنواع التي ذكرها من الكفر، وكذلك قول أبي محمد بن عبد السلام: هو شيخ سوء مقبوح كذاب يقول بقدم العلم ولا يحرم فرجاً - هو حق عنه ولكنه بعض أنواع ما ذكره من الكفر، فإن قوله لم يكن قد تبين له حاله وتحقق، وإلا فليس عنده رب وعالم كما تقوله الفلاسفة الإلهيون الذين يقولون بواجب الوجود، وبالعالم الممكن الوجود بل عنده وجود العالم هو وجود الله، وهذا يطابق قول الدهرية الطبائعية الذين ينكرون وجود الصانع مطلقاً ولا يقرون بوجود واجب غير العالم كما ذكر الله عن فرعون وذويه، وقوله مطابق لقول فرعون، لكن فرعون لم يكن مقراً بالله وهؤلاء يقرون بالله، ولكن يفسرونه بالوجود الذي أقر به فرعون، فهم أجهل من فرعون وأضل، وفرعون أكفر منهم، في كفره من العناد والاستكبار ما ليس في كفرهم، كما قال تعالى (وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلواً) وقال له موسى (لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السموات والأرض بصائر) وجماع أمر صاحب الفصوص وذويه هدم أصول الإيمان الثلاثة فإن أصول الإيمان: الإيمان بالله والإيمان برسله والإيمان باليوم الآخر.

فأما الإيمان بالله فزعموا أن وجوده وجود العالم ليس للعالم صانع غير العالم، وأما الرسول فزعموا أنهم أعلم بالله منه ومن جميع الرسل، ومنهم من يأخذ العلم بالله الذي هو التعطيل ووحدة الوجود من مشكاته، وأنهم يساوونه في أخذ العلم بالشريعة عن الله. وأما الإيمان باليوم الآخر فقد قال:

<<  <  ج: ص:  >  >>