للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلم يبق إلا صادق الوعد وحده ... وبالوعيد الحق عين تعاين

وإن دخلوا دار الشقاء فإنهم ... على لذة فيها نعيم يباين

وهذا يذكر عن بعض أهل الضلال قبله أنه قال: إن النار تصير لأهلها طبيعة نارية يتمتعون بها، وحينئذ فلا خوف ولا محذور ولا عذاب لأنه أمر مستعذب ثم إنه في الأمر والنهي عنده الآمر والناهي والمأمور والمنهي واحد، ولهذا كان أول ما قاله في الفتوحات المكية التي هي أكبر كتبه:

الرب حق والعبد حق ... يا ليت شعري من المكلف

إن قلت عبد فذاك رب ... أو قلت رب أني يكلف؟

وفي موضع آخر فذاك ميت، رأيته بخطه.

وهذا مبني على أصله فإن عنده ما ثم عبد ولا وجود إلا وجود الرب فمن المكلف؟ وعلى أصله هو المكلف كما يقولون أرسل من نفسه إلى نفسه رسولاً، وكما قال ابن الفارض في قصيدته التي نظمها على مذهبهم وسماها نظم السلوك:

إلي رسولاً كنت مني مرسلاً ... وذاتي بآياتي علي استدلت

ومضمونها هو القول بوحدة الوجود ومذهب ابن عربي وابن سبعين وأمثالهم كما قال:

لها صلاتي بالمقام أقيمها ... وأشهد فيها أنها لي صلت

كلانا مصل عابد ساجد إلى ... حقيقة الجمع في كل سجدة (١)

وما كان لي صلى سواي فلم تكن ... صلاتي لغيري في أداكل ركعة

إلى قوله:

وما زلت إياها وإياي لم تزل ... ولا فرق بل ذاتي لذاتي أحبت

ومثل هذا كثير والله أعلم.


(١) البيت في ديوانه الذي بين الايدي هكذا:
كلانا مصل ناظر إلى.... حقيقته بالجمع في كل سجدة

<<  <  ج: ص:  >  >>