للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أجعل الآلهة إلهاً واحداً؟) واعتقدوا أنهم لما سموهم آلهة كانت تسمية المشركين دليلاً على أن آلهية الله لهم. وهذه الحجة قد ردها الله على المشركين في غير موضع كقوله سبحانه عن هود في مخاطبته للمشركين من قومه (أتجادلونني في أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم) الآية هذا رداً لقولهم (أجئتنا لنعبد الله وحده ونذر ما كان يعبد آباؤنا) فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تسميتهم إياها آلهة ومعبودين تسمية ابتدعوها هم وآباؤهم ما أنزل الله بها من حجة ولا سلطان، والحكم ليس إلا لله وحده، وقد أمر هو سبحانه أن لا يعبد إلا إياه، فكيف يحتج بقول مشركين لا حجة لهم؟ وقد أبطل الله قولهم؟ وأمر الخلق أن لا يعبدوا إلا إياه دون هذه الأوثان التي سماها المشركون آلهة، وعند الملاحدة عابدو الأوثان ما عبدوا إلا الله.

ثم أن المشركين أنكروا على الرسول حيث جاءهم ليعبدوا الله وحده ويذروا ما كان يعبد آباءهم، فإذا كانوا هم ما زالوا يعبدون الله وحده كما تزعمه الملاحدة، فلم - يدعو إلى ترك ما يعبده آباؤهم هو وغيره من الأنبياء؟ وكذلك قال سبحانه في سورة يوسف عنه (يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار؟ ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان - إلى قوله - ولكن أكثر الناس لا يعلمون) وقال سبحانه (أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى - إلى قوله - ولقد جاءهم من ربهم اله وهذه الثلاثة المذكورة في هذه السورة هي الأوثان العظام الكبار التي كان المشركون ينتابونها من أمصارهم، فاللات كانت حذو قديد بالساحل لأهل المدينة، والعزى كانت قريبة من عرفات لأهل مكة، ومناة كانت بالطائف لثقيف، وهذه الثلاثة هي أمصار أرض الحجاز.

أخبر سبحانه أن الأسماء التي سماها المشركون أسماء ابتدعوها لا حقيقة لها، فهم إنما يعبدون أسماء لا مسميات لها، لأنه ليس في المسمى من الألوهية ولا العزة

<<  <  ج: ص:  >  >>