للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا التقدير شيء، ولم ينزل الله سلطاناً بهذه الأسماء، إن يتبع المشركون إلا ظناً لا يغني من الحق شيئاً في أنها آلهة تنفع وتضر ويتبعوا أهواء أنفسهم. وعند الملاحدة أنهم إذا عبدوا أهواءهم فقد عبدوا الله، وقد قال سبحانه عن إمام الأئمة وخليل الرحمن وخير البرية بعد محمد صلى الله عليه وسلم أنه قال لأبيه (يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئاً، يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك) إلى قوله (فتكون للشيطان ولياً) فنهاه وأنكر عليه أن يعبد الأوثان التي لا تسمع ولا تبصر ولا تغني عنه شيئاً.

وعلى زعم هؤلاء الملحدين فما عبدوا غير الله في كل معبود فيكون الله هو الذي لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنه شيئاً وهو الذي نهاه عن عبادته وهو الذي أمر بعبادته. وهكذا قال أحذق طواغيتهم الفاجر التلمساني في قصيدة له:

يا عاذلي أنت تنهاني وتأمرني ... والوجد أصدق نهاء وأمار

فإن أطعك وأعص الوجد عذرني ... عمى عن العيان إلى أوهام أخبار (١)

وعين ما أنت تدعوني إليه إذا ... حققته تره المنهي يا جاري

وقد قال أيضاً إبراهيم لأبيه (يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصيا) وعندهم أن الشيطان مجلى إلهي ينبغي تعظيمه ومن عبده فما عبد غير الله، وليس الشيطان غير الرحمن حتى تعصيه، وقد قال سبحانه (ألم أعهد إليكم يا بني آدم ألا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين، وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم) إلى قوله (يعقلون) فنهاهم عن عبادة الشيطان وأمرهم بعبادة الله سبحانه، وعندهم عبادة الشيطان هي عبادته أيضاً، فينبغي أن يعبد الشيطان وجميع الموجودات إنها عينه.

وقال تعالى أيضاً عن إمام الخلائق خليل الرحمن أنه لما (رأى كوكباً قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الآفلين، فلما رأى القمر بازغاً قال هذا ربي، فلما


(١) كذا في الأصل وليحرر

<<  <  ج: ص:  >  >>