أفل قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين، فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر، فلما أفلت قال يا قوم إني بريء مما تشركون، إن وجهت وجهي) إلى قوله (وهم مهتدون) وقال أيضاً (قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا براء منكم) إلى قوله (حتى تؤمنوا بالله وحده) وقال تعالى (وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني براء مما تعبدون إلا الذي فطرني) الآية. وقال تعالى (أفرأيتم ما كنتم تعبدون، أنتم وآباءكم الأقدمون) إلى قوله (إذ نسويكم برب العالمين) وقال تعالى (إذ قال لأبيه وقومه ما تبعدون، قالوا نعبد أصناماً فنظل لها عاكفين) إلى قوله (قالوا حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين) .
فهذا الخليل الذي جعله الله إمام الأئمة الذين يهتدون بأمره من الأنبياء والمرسلين بعده وسائل المؤمنين قال (إنني بريء مما تشركون إني وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفاً) وعند الملاحدة الذي أشركوه هو عين الحق ليس غيره، فكيف يتبرأ من الله الذي وجه وجهه إليه؟ وأحد الأمرين لازم على أصلهم إما أن يعبده في كل شيء من المظاهر بدون تقيد ولا اختصاص وهو حال المكمل عندهم فلا يتبرأ من شيء، وإما أن يعبده في بعض المظاهر كفعل الناقصين عندهم.
وأما التبرئ منن بعض الموجودات فقد قال: إن قوم نوح لو تركوهم لتركوا من الحق بقدر ما تركوا من تلك الأوثان، والرسل قد تبرأت من الأوثان فقد تركت الرسل من الحق شيئاً كثيراً وتبرؤوا من الله الذي دعوا الخلق إليه، والمشركون على زعمهم أحسن حالاً من المرسلين، لأن المشركين عبدوه في بعض المظاهر ولم يتبرءوا من سائرها، والرسل يتبرءون منه في عامة المظاهر.
ثم قول إبراهيم (وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض) باطل على أصلهم، فإنه لم يفطرها إذ هي ليست غيره، فما أجدرهم بقوله (ألم تر إلى الذين أوتوا