للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نصيباً من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت) الآية.

ثم قول الخليل (وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون إنكم أشركتم بالله) الآية وهذه حجة الله التي أتاها إبراهيم على قومه بقوله: كيف أخاف ما عبدتموه من دون الله؟ وهي المخلوقات المعبودة من دونه، وعندهم ليست معبودة من دونه، ومن لم يقم بحقها فلم يخف الله، والرسل لم يخافوا الله.

وقول الخليل (إنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به سلطاناً) لم يصح عندهم فإنهم لم يشركوا بالله شيئاً إذ ليس ثم غيره حتى يشركوا به، بل المعبود الذي عبدوه هو الله وأكثر ما فعلوه أنهم عبدوه في بعض المظاهر وليس في هذا أنهم جعلوا غيره شريكاً له في العبادة.

وقوله (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم) ورد في الصحيحين عن عبد الله بن مسعود قال: لما نزلت هذه الآية شق ذلك على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا: أينا لم يظلم نفسه؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم " ألم تسمعوا إلى قول العبد الصالح (لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم) " فقد أخبر الله ورسوله أن الشرك ظلم عظيم، وأن الأمن هو لمن آمن بالله ولم يخلط إيمانه بشرك، وعلى زعم هؤلاء الملاحدة فإيمان الذين خلطوا إيمانهم بشرك هو الإيمان الكامل التام، وهو إيمان المحقق العارف عندهم، لأن من آمن بالله في جميع مظاهره وعبده في كل موجود هو أكمل ممن لم يؤمن بالأمر حيث لم يظهر، ولم يعبده إلا من حيث لا يشهد ولا يعرف (١) وعندهم


(١) يعنون بهذا الإيمان بالغيب الذي هو أساس دين الله في القرآن وسائر الكتب الالهية. وهذا عندهم أدنى وأنقص درجات الإيمان بل هو عندهم باطل، إذ لا موجود عندهم غير هذه المظاهر، فاكمل العبادة عبادتهم أو عبادة ما سمي الاله فيها كلها وهو هي، ودون ذلك عبادته في بعضها كعبادة المسيح وغيره من البشر وعبادة العجل والأصنام فكلما كثرت المعبودات كانت العبادة أكمل، ولا يسمى هذا شركا عندهم لان هذه كلها وسائر الموجودات شيء واحد في نفسه متعدد في مظاهره

<<  <  ج: ص:  >  >>