ليس في القرآن ما يدل على دخوله النار. وأما في حقيقة أمرهم فما زال عندهم عارفاً بالله، بل هو الله، وليس عندهم نار فيها ألم أصلاً كما سنذكره أن شاء الله عنهم، ولكي يتفطن بهذا لكون البدع مظان النفاق، كما أن السنن شعائر الإيمان.
قال صاحب الفصوص في فص الحكم التي في الكلمة الموسوية لما تكلم على قوله (وما رب العالمين)" وهنا سر كبير فإنه أجاب بالفعل لمن سأل عن الحد الذاتي فجعل الحد الذاتي عين إضافته إلى ما ظهر به من صور العالم أو ما ظهر فيه من صور العالم، فكأنه قال له في جواب قوله (وما رب العالمين) قال الذي يظهر فيه صور العالمين من علو وهو السماء وسفل وهو الأرض (إن كنتم موقنين) أو يظهر هو بها، فلما قال فرعون لأصحابه أنه لمجنون كما قلنا في معنى كونه مجنوناً أي لمستور عنه علم ما سألته عنه أو لا يتصور أن يعلم أصلاً، زاد موسى في البيان ليعلم فرعون رتبته في العلم الإلهي لعلمه بأن فرعون يعلم ذلك فقال (رب المشرق والمغرب) فجاء بما يظهر ويستر وهو الظاهر والباطن (وما بينهما) وهو قوله " وهو لكل شيء عليم " (إن كنتم تعقلون) أي إن كنتم أصحاب تقييد فإن العقل للتقييد.
" والجواب الأول جواب الموقنين وهم أهل الكشف والوجود، فقال له (إن كنتم موقنين) أي أهل الكشف ووجود فقد أعلمتكم ما تيقنتموه في كشفكم ووجودكم " فإن لم تكونوا من هذا النصف فقد أجبتكم بالجواب الثاني إن كنتم أهل عقل وتقييد وحصرتم الحق فيما تعطيه أدلة عقولكم، فظهر موسى بالوجهين ليعلم فرعون فضله وصدقه، وعلم موسى أن فرعون لكونه سأل عن ذلك من الماهية فعلم أنه سؤاله ليس على اصطلاح القدماء في السؤال فلذلك أجاب فلو علم منه غير ذلك لخطأ في السؤال، فلما جعل موسى المسؤول عنه عين العالم خاطبه فرعون بهذا اللسان والقوم لا يشعرون فقال له (لئن اتخذت إلهاً غيري لأجعلنك من المسجونين) والسين من حروف الزوائد، أي لأسترنك فإنك أجبت بما أيدتني به أن أقول مثل