ثم علينا حسابهم) وقال تعالى (إلى الله مرجعكم جميعاً) الآية وقال تعالى (يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحاً فملاقيه) وهؤلاء عندهم ما ثم إلا أنت، وأنت من الآن مردود إلى الله، وما رأيت مردوداً إليه وليس هو شيء غيرك حتى ترد إليه أو ترجع إليه، أو تكدح إليه أو تلاقيه، ولهذا حدثونا أن ابن الفارض لما احتضر أنشد بيتين:
إن كان منزلتي في الحب عندكم ... ما قد لقيت فقد ضيعت أيامي
أمنية ظفرت نفسي بها زمناً ... واليوم أحسبها أضغاث أحلام
وذلك أنه كان يتوهم أنه الله، وأنه ما ثم مرد إليه ومرجع إليه غير ما كان عليه، فلما جاءته ملائكة الله تنزع روحه من جسمه، وبدا له من الله ما لم يكن يحتسب، تبين له أن ما كان عليه أضغاث أحلام من الشيطان.
وكذلك حدثني بعض أصحابنا عن بعض من أعرفه وله اتصال بهؤلاء عن الفاجر التلمساني أنه وقت الموت تغير واضطرب، قال: دخلت عليه وقت الموت فوجدته يتأوه، فقلت له: مم تتأوه؟ فقال من خوف الفوت، فقلت سبحان الله، ومثلك يخاف الفوت وأنت تدخل الفقير إلى الخلوة فتوصله إلى الله في ثلاثة أيام؟ فقال ما معناه: زال ذلك كله وما وجدت لذلك حقيقة.
الثامن (١) أن عندهم من يدعي الإلهية من البشر كفرعون والدجال المنتظر، أو ادعيت فيه وهو من أولياء الله نبياً كالمسيح، أو غير نبي كعلي، أو ليس من أولياء الله كالحاكم بمصر وغيرهم، فإنه عند هؤلاء الملاحدة المنافقين يصحح هذه الدعوى، وقد صرح صاحب الفصوص أن هذه الدعوى كدعوى فرعون، وهم كثيراً ما يعظمون فرعون فإنه لم يتقدم لهم رأس في الكفر مثله، ولا يأتي متأخر لهم مثل الدجال الأعور الكذاب، وإذا نافقوا المؤمنين وأظهروا الإيمان قالوا أنه مات مؤمناً وأنه لا يدخل النار، وقالوا