دلت عليه النصوص. وقال به أكثر أهل السنة في الحديث. وكثير من أهل الكلام وهو لازم لسائر الفرق. وقد ذكرنا نزاع الناس في ذلك في قاعدة الفرق بين الصفات والمخلوقات والصفات الفعلية، وأما هؤلاء الجهمية الاتحادية فقالوا: وهو الآن على ما عليه كان، ليس معه غيره كما كان في الأزل ولا شيء معه، قالوا: إذ الكائنات ليست غيره ولا سواه، فليس إلا هو، فليس معه شيء آخر لا أزلاً ولا أبداً بل هو عين الموجودات، ونفس الكائنات، وجعلوا المخلوقات المصنوعات هي نفس الخالق البارئ المصور، وهم دائماً يهذون بهذه الكلمة:" وهو الآن على ما عليه كان " وهي أجل عندهم من " قل هو الله أحد " ومن آية الكرسي لما فيها من الدلالة على الاتحاد الذي هو إلحادهم، وهم يعتقدون أنها ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم وأنها من كلامه ومن أسرار معرفته، وقد بينا أنها كذب مختلق، ولم يروها أحد من أهل العلم ولا في شيء من دواوين الحديث. بل اتفق العارفون بالحديث على أنها موضوعة، ولا تنقل هذه الزيادة عن إمام مشهور في الأمة بالإمامة، وإنما مخرجها ممن يعرف بنوع من التجهم، وتعطيل بعض الصفات، ولفظ الحديث المعروف عند علماء الحديث الذي أخرجه أصحاب الصحيح " كان الله ولا شيء معه، وكان عرشه على الماء وكتب في الذكر كل شيء " وهذا إنما ينفي وجود المخلوقات من السموات والأرض. وما فيهما من الملائكة والإنس والجن. لا ينفي وجود العرش. ولهذا ذهب كثير من السلف والخلف إلى أن العرش متقدم على القلم واللوح. مستدلين بهذا الحديث وحملوا قوله " أول ما خلق الله القلم فقال له: اكتب. فقال: وما أكتب؟ قال: اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة " على هذا الخلق المذكور في قوله (وهو الذي خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام وكان عرشه على الماء) وهذا نظير حديث أبي رزين العقيلي المشهور في كتب المسانيد والسنن أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أين كان ربنا قبل أن يخلق خلقه؟ فقال