" كان في عماء، ما فوقه هواء وما تحته هواء " فالخلق المذكور في هذا الحديث لم يدخل فيه الغمام، وذكر بعضهم أن هذا هو السحاب المذكور في قوله (هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام) وفي ذلك آثار معروفة.
والدليل على أن هذا الكلام وهو قولهم " وهو الآن على ما عليه الآن " كلام باطل مخالف للكتاب والسنة والإجماع والاعتبار وجوه.
أحدها أن الله قد أخبر بأنه مع عباده في غير موضع من الكتاب عموماً وخصوصاً مثل قوله (وهو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش وهو معكم أينما كنتم) وقوله (ما يكون من نجوي ثلاثة إلا هو رابعهم - إلى قوله - أينما كانوا) وقوله (إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون، والله مع الصابرين) في موضعين وقوله (إنني معكما أسمع وأرى، لا تحزن إن الله معنا، وقال الله إني معكم، إن معي ربي سيهديني) وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سافر يقول " اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل، اللهم اصحبنا في سفرنا، واخلفنا في أهلنا " فلو كان الخلق عموماً وخصوصاً ليسوا غيره ولا هم معه بل ما معه شيء آخر امتنع أن يكون هو مع نفسه وذاته، فإن المعية توجب شيئين كون أحدهما مع الآخر فكما أخبر الله أنه مع هؤلاء امتنع علم بطلان قولهم " هو الآن على ما عليه كان " لا شيء معه. بل هو عين المخلوقات، وأيضاً فإن المعية لا تكون إلا من الطرفين، فإن معناها المقارنة والمصاحبة، فإذا كان أحد الشيئين مع الآخر امتنع ألا يكون الآخر معه، فمن الممتنع أن يكون الله مع خلقه ولا يكون لهم وجود معه ولا حقيقة أصلاً بل هم هو.
الوجه الثاني أن الله قال في كتابه (ولا تجعل مع الله إلهاً آخر فتلقى في جهنم ملوماً مدحوراً) وقال تعالى (فلا تدع مع الله إلهاً آخر فتكون من المعذبين) وقال (ولا تدع مع الله إلهاً آخر لا إله إلا هو كل شيء هالك إلا وجهه)