للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فنهاه أن يجعل أو يدعو معه إلهاً آخر، ولم ينهه أن يثبت معه مخلوقاً، أو يقول أن معه عبداً مملوكاً أو مربوباً فقيراً، أو معه شيئاً موجوداً خلقه، كما قال: (لا إله إلا هو) ولم يقل لا موجود إلا هو، ولا هو إلا هو، ولا شيء معه إلا هو، بمعنى أنه نفس الموجودات وعينها. وهذا كما قال (إلهكم إله واحد) فأثبت وحدانيته في الألوهية ولم يقل أن الموجودات واحد فهذا التوحيد الذي في كتاب الله هو توحيد الألوهية وهو أن لا تجعل معه ولا تدعو معه إلهاً غيره، فأين هذا من أن يجعل نفس الوجود هو إياه، وأيضاً فنهيه أن يجعل معه أو يدعو معه إلهاً آخر دليل على أن ذلك ممكن كما فعله المشركون الذين دعوا مع الله آلهة أخرى.

فهذه النصوص تدل على أن معه أشياء ليست بآلهة، ولا يجوز أن تجعل آلهة ولا تدعى آلهة، وأيضاً فعند الملحد يجوز أن يعبد كل شيء ويدعى كل شيء إذ لا يتصور أن يعبد غيره فإنه هو الأشياء، فيجوز للإنسان حينئذ أن يدعو كل شيء من الآلهة المعبودة من دون الله، وهو عند الملحد ما دعا معه إلهاً آخر فجعل نفس ما حرمه الله وجعله شركاً جعله توحيداً، والشرك عنده لا يتصور بحال.

الوجه الثالث أن الله لما كان ولا شيء معه لم يكن معه سماء ولا أرض ولا شمس ولا قمر، ولا جن ولا إنس ولا ذوات ولا شجر ولا جنة ولا نار ولا جبال ولا بحار. فإن كان الآن على ما عليه كان، فيجب أن لا يكون معه شيء من هذه الأعيان، وهذا مكابرة للعيان، وكفر بالقرآن والإيمان.

الوجه الرابع أن الله كان ولا شيء معه ثم كتب في الذكر كل شيء كما جاء في الحديث الصحيح فإن كان لا شيء معه فيما بعد فما الفرق بين حال الكتابة وقبلها، وهو عين الكتابة واللوح عند الفراعنة الملاحدة؟

<<  <  ج: ص:  >  >>