للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عاقل أنه باطل وضلال، وإذا كان هؤلاء ليس عندهم ما ينفي وجود شيء آخر فوق الأفلاك التسعة كان يجزم (١) أن ما أخبرت به الرسل من العرش هو الفلك التاسع رجماً بالغيب وقولاً بلا علم.

هذا كله على تقدير ثبوت الأفلاك التسعة على المشهور عند أهل الهيئة، إذ في ذلك من النزاع والاضطراب وفي أدلة ذلك ما ليس هذا موضعه، وإنما نتكلم على هذا التقدير أيضاً (٢) فالأفلاك في أشكالها وإحاطة بعضها ببعض من جنس واحد فنسبة السابع إلى السادس كنسبة السادس إلى الخامس. وإذا كان هناك فلك تاسع فنسبته إلى الثامن كنسبة الثامن إلى السابع.

وأما العرش فالأخبار تدل على مباينته لغيره من المخلوقات وأنه ليس نسبته إلى بعضها كنسبة بعضها إلى بعض، قال الله تعالى (الذين يحملون العرش ومن حوله يسحبون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلماً فاغفر للذين تابوا واتعبوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم) وقال تعالى (ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) فأخبر أن للعرش حملة اليوم ويوم القيامة، وأن حملته ومن حوله يسحبون ويستغفرون للمؤمنين، والمعلوم أن قيام فلك من الأفلاك بقدرة الله تعالى كقيام سائر الأفلاك لا فرق في ذلك بين كرة وكرة، وإن قدر أن لبعضها في نفس الأمر ملائكة تحملها فحكمه حكم نظيره.


(١) لعل أصله: كان جزمه أو جزمهم بأن ما أخبرت الرسل إلخ
(٢) يعني الشيخ (رح) انه يبني ابطال قولهم على تقدير ثبوت الافلاك التسعة جدلا وهي غير ثابتة بدليل صحيح، ونقول إنه قد تبين بعده بما ارتقى إليه علم الهيئة الفلكية بالآلات الحديثة المقربة للابعاد بطلان القول بالافلاك التسعة التي
تخيلها اليونان وتبعهم فيها علماء العرب

<<  <  ج: ص:  >  >>