فأما ما كان موجوداً فوق هذا ولم يكن لهم ما يستدلون به على ثبوته فهم لا يعلمون نفيه ولا إثباته بطريقه. وكذلك قول القائل أن حركة التاسع مبدأ الحوادث خطأ وضلال على أصولهم، فإنهم يقولون أن الثامن له حركة تخصه بما فيه من الثوابت، ولتلك الحركة قطبان غير قطبي التاسع، وكذلك السابع والسادس.
وإذا كان لكل فلك حركة تخصه والحركات المختلفة هي سبب الأشكال الحادثة المختلفة الفلكية، وتلك الأشكال سبب الحوادث السفلية، كانت حركة التاسع جزء السبب كحركته، فالأشكال الحادثة في الفلك كمقارنة الكوكب للكوكب في درجة واحدة ومقابلته له إذا كان بينهما نصف الفلك وهو مائة وثمانون درجة وتثليثه إذا كان بينهما ثلث الفلك مائة وعشرون درجة، وتربيعه له إذا كان بينهما ربعه تسعون درجة، وتسديسه له إذا كان بينهما ستون درجة - وأمثال ذلك من الأشكال - إنما حدثت بحركات مختلفة، وكل حركة ليست عن الأخرى، إذ حركة الثامن التي تخصه ليست عن حركة التاسع وإن كان تابعاً له في الحركة الكلية كالإنسان المتحرك في السفينة إلى خلاف حركتها. وكذلك حركة السابع التي تخصه ليست عن التاسع ولا عن الثامن، وكذلك سائر الأفلاك فإن حركة كل واحد التي تخصه ليست عما فوقه من الأفلاك، فكيف يجوز أن يجعل مبدأ الحوادث كلها مجرد حركة التاسع كما زعمه من ظن أنه العرش؟ كيف والفلك التاسع عندهم بسيط متشابه الأجزاء لا اختلاف فيه أصلاً، فكيف يكون سبباً لأمور مختلفة لا باعتبار القوابل وأسباب أخر، ولكن هم قوم ضالون يجعلونه مع هذا ثلثمائة وستين درجة، ويجعلون لكل درجة من الأثر ما يخالف الأخرى لا باختلاف القوابل، كمن يجيء إلى ماء واحد فيجعل لبعض أجزائه من الأثر ما يخالف الآخر لا بحسب القوابل بل يجعل أحد جزئيه مسخناً والآخر مبرداً، والآخر مسعداً، والآخر مشقياً، وهذا مما يعلمون هم وكل