من أهل العلم بها، أو برواية الثقات لها. وهذه أيضاً مما اتفق أهل العلم على اتباعها من أهل الفقه والحديث والتصوف وأكثر أهل العلم، وقد أنكرها بعض أهل الكلام، وأنكر كثير منهم أن يحصل العلم بشيء منها وإنما يوجب العلم، فلم يفرقوا بين المتلقى بالقبول وغيره، وكثير من أهل الرأي قد ينكر كثيراً منها بشروط اشترطها، ومعارضات دفعها بها ووضعها، كما يرد بعضهم بعضاً، لأنه بخلاف ظاهر القرآن فيما زعم، أو لأنه خلاف الأصول، أو قياس الأصول، أو لأن عمل متأخري أهل المدينة على خلافه أو غير ذلك من المسائل المعروفة في كتب الفقه والحديث وأصول الفقه.
الطريق الرابع الإجماع وهو متفق عليه بين عامة المسلمين من الفقهاء والصوفية وأهل الحديث والكلام وغيرهم في الجملة، وأنكره بعض أهل البدع من المعتزلة والشيعة، لكن المعلوم منه هو ما كان عليه الصحابة، وأما ما بعد ذلك فتعذر العلم به غالباً، ولهذا اختلف أهل العلم فيما يذكر من الإجماعات الحادثة بعد الصحابة واختلف في مسائل منه كإجماع التابعين على أحد قولي الصحابة، والإجماع الذي لم ينقرض عصر أهله حتى خالفهم بعضهم، والإجماع السكوتي وغير ذلك.
الطريق الخامس القياس على النص والإجماع، وهو حجة أيضاً عند جماهير الفقهاء، لكن كثيراً من أهل الرأي أسرف فيه حتى استعمله قبل البحث عن النص، وحتى رد به النصوص، وحتى استعمل منه الفاسد، ومن أهل الكلام وأهل الحديث وأهل القياس من ينكره رأساً، وهي مسئلة كبيرة والحق فيها متوسط بين الإسراف والنقض.
الطريق السادس الاستصحاب، وهو البقاء على الأصل فيما لم يعلم ثبوته وانتفاؤه بالشرع، وهو حجة على عدم الاعتقاد بالاتفاق، وهل هو حجة في اعتقاد العدم؟ فيه خلاف، ومما يشبهه الاستدلال بعدم الدليل السمعي على عدم الحكم الشرعي، مثل أن يقال: لو كانت الأضحية أو الوتر واجباً لنصب الشرع عليه دليلاً شرعياً، إذ وجوب هذا لا يعلم بدون الشرع، ولا دليل، فلا وجوب.