للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أحمد: وأما قوله (كل شيء هالك إلا وجهه) وذلك أن الله أنزل (كل من عليها فان) فقالت الملائكة: هلك أهل الأرض، وطمعوا في البقاء، فأنزل الله تعالى أنه يخبر عن أهل السموات والأرض أنكم تموتون فقال: كل شيء من الحيوان هالك - يعني ميتاً - إلا وجهه، فإنه حي لا يموت، فلما ذكر ذلك أيقنوا عند ذلك بالموت " ذكر ذلك في رده على الجهمية قولهم أن الجنة والنار تفنيان.

وقد تبين مما ذكرناه أن الحسن هو الحق والصدق والنافع والمصلحة والحكمة والصواب. وأن الشيء القبيح هو الباطل والكذب والضار والمفسدة والسفه والخطأ.

وأما مواضع الاشتباه والنزاع واختلاف الخلائق فموضع واحد وذلك أن فعل الله كله حسن جميل، قال الله عز وجل (الذي أحسن كل شيء خلقه) وقال تعالى (صنع الله الذي أتقن كل شيء) وقال تعالى (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون) .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم " إن الله جميل يحب الجمال " وهو حكم عدل قال الله تعالى (شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائماً بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم) وقال تعالى (إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها) وقال تعالى (وهو الحكيم الخبير) وهذا كله متفق عليه بين الأمة مجملاً غير مفسر فإذا فسر تنازعوا فيه.

وذلك أن هذه الأعمال الفاسدة والآلام وهذا الشر الوجودي المتعلق بالحيوان، وأنه لا يخلوا عن أن يكون عملاً من الأعمال، أو أن يكون ألماً من الآلام الواقعة بالحيوان، وذلك العمل القبيح والألم شره من ضرره، وهذا العامل والمعالم، فالمعتزلة ومن اتبعها من الشيعة تزعم أن الأعمال ليست من خلقه ولا كونها شيء، وأن الآلام لا يجوز أن يفعلها إلا جزاء على عمل سابق. أو تعوض بنفع لاحق، وكثير من أهل الإثبات ومن اتبعهم من الجبرية يقولون بل الجميع

<<  <  ج: ص:  >  >>