للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الإمكان (١) لو افتقر وجوده إلى فرح غيره، وأما الحدوث فيبنى على قيام الصفات فيلزم منه حدوثه (٢) وقد ذكر في غير هذا الموضع أن ما سلكه الجهمية في نفي الصفات فمبناه على القياس الفاسد المحض وله شرح مذكور في غير هذا الموضع. ومن تأمل نصوص الكتاب والسنة وجدها في غاية الإحكام والإتقان وأنها مشتملة على التقديس لله عن كل نقص، والإثبات لكل كمال، وأنه تعالى ليس له كمال ينتظر بحيث يكون قبله ناقصاً بل من الكمال أنه يفعل ما يفعله بعد أن لم يكن فاعله، وإنه إذا كان كاملاً بذاته وصفاته وأفعاله لم يكن كاملاً بغيره ولا مفتقراً إلى سواه، بل هو الغني ونحن الفقراء، وقال تعالى (لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء، سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حق) وهو سبحانه في محبته ورضاه ومقته وسخطه وفرحه وأسفه وصبره وعفوه ورأفته له الكمال الذي لا تدركه الخلائق وفوق الكمال، إذ كل كمال فمن كماله يستفاد، وله الثناء الحسن الذي لا تحصيه العباد، وإنما هو كما أثنى على نفسه، له الغني الذي لا يفتقر إلى سواه، (إن كل من في السموات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا، لقد أحصاهم وعدهم عدا، وكلهم آتيه يوم القيامة فردا) .فهذا الأصل العظيم وهو مسئلة خلقه وأمره وما يتصل به من صفاته وأفعاله من محبته ورضاه وفرحه بالمحبوب وبغضه وصبره على ما يؤذيه هي متعلقة بمسائل القدر ومسائل الشريعة. والمنهاج الذي هو المسؤول عنه ومسائل الصفات ومسائل


(١) لعله سقط من هنا كلمة: فيلزم. التي هي جواب إما الامكان. والمعنى أنه يلزم كونه لا واجب الوجود أو افتقر وجوده على فرح غيره من الحوادث الممكنة وأما فرحه هو ورفعاء وغيرهما من صفاته فلا يلزم منها امكانه
(٢) أي من قيام الصفات بنفسه كالكلام والسمع والبصر فيلزم منه حدوثه بزعمهم. وعبارته كلها هنا غير جلية فلعلها محرفة

<<  <  ج: ص:  >  >>