للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن قلتم: نحن نقطع النظر عن متعلق الصفة وننظر فيها، هل هي كمال أو نقص؟ فلذلك نحيل الحكم عليها بأحدهما لأنها قد تكون كمالاً لذات نقصاً لأخرى على ما ذكر. وهذا من التعجب أن مقدمة وقع عليها الإجماع، هي منشأ الاختلاف والنزاع، فرضي الله عمن يبين لنا بياناً يشفي العليل، ويجمع بين معرفة الحكم وإيضاح الدليل، أنه تعالى سميع الدعاء، وأهل الرجاء، وهو حسبنا ونعم الوكيل. أجاب رضي الله عنه:

فتوى شيخ الإسلام

الحمد لله، الجواب عن هذا السؤال مبني على مقدمتين (إحداهما) أن يعلم أن الكمال ثابت لله، بل الثابت له هو أقصى ما يمكن من الأكملية بحيث لا يكون وجود كمال لا نقص فيه إلا وهو ثابت للرب تعالى يستحقه بنفسه المقدسة، وثبوت ذلك مستلزم نفي نقيضه، فثبوت الحياة يستلزم نفي الموت، وثبوت العلم يستلزم نفي الجهل، وثبوت القدرة يستلزم نفي العجز، وإن هذا الكمال ثابت له بمقتضى الأدلة العقلية والبراهين اليقينية، مع دلالة السمع على ذلك. ودلالة القرآن على الأمور نوعان (أحدهما) خبر الله الصادق، فما أخبر الله ورسوله به فهو حق كما أخبر الله به (والثاني) دلالة القرآن بضرب الأمثال وبيان الأدلة العقلية لدالة على المطلوب. فهذه دلالة شرعية عقلية، فهي شرعية لأن الشرع دل عليها، وأرشد إليها. وعقلية لأنها تعلم صحتها بالعقل. ولا يقال أنها لم تعلم إلا بمجرد الخبر. وإذا أخبر الله بالشيء ودل عليه بالدلالات العقلية صار مدلولاً عليه بخبره، ومدلولاً عليه بدليله العقلي الذي يعلم به، فيصير ثابتاً بالسمع والعقل، وكلاهما داخل في دلالة القرآن التي تسمى الدلالة الشرعية.

<<  <  ج: ص:  >  >>