للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والشرب لأن قوامه بالأكل والشرب، فإذا قدر غير قابل له كان ناقصاً عن القابل لهذا الكمال، لكن هذا يستلزم حاجة الآكل والشارب إلى غيره، وهو ما يدخل فيه من الطعام والشراب، وهو مستلزم لخروج شيء منه كالفضلات وما لا يحتاج إلى دخول شيء فيه أكمل ممن يحتاج إلى دخول شيء فيه، وما يتوقف كماله على غيره أنقص مما لا يحتاج في كمال إلى غيره، فإن الغني عن شيء أعلى من الغني به. والغني بنفسه أكمل من الغني بغيره. ولهذا كان من الكمالات ما هو

كمال للمخلوق وهو نقص بالنسبة إلى الخالق وهو كل ما كان مستلزماً لإمكان العدم عليه المنافي لوجوبه وقيوميته، أو مستلزماً للحدوث المنافي لقدمه، أو مستلزماً لفقره المنافي لغناه. مال للمخلوق وهو نقص بالنسبة إلى الخالق وهو كل ما كان مستلزماً لإمكان العدم عليه المنافي لوجوبه وقيوميته، أو مستلزماً للحدوث المنافي لقدمه، أو مستلزماً لفقره المنافي لغناه.

فصل

في نتيجة ما تقدم وهو كون ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم هو الحق وكون أولى الناس به سلف هذه الأمة (١) إذا تبين هذا تبين أن ما جاء به الرسول هو الحق الذي يدل عليه المعقول وأن أولى الناس بالحق أتبعهم له وأعظمهم له موافقة، وهم سلف الأمة وأئمتها الذين أثبتوا ما دل عليه الكتاب والسنة من الصفات، ونزهوه عن مماثلة المخلوقات، فإن الحياة والعلم والقدرة والسمع والبصر والكلام صفات كمال ممكنة بالضرورة ولا نقص فيها، فإن ما اتصف بهذه فهو أكمل مما لا يتصف بها، والنقص في انتفائها لا في ثبوتها. والقابل للاتصاف بها كالحيوان أكمل ممن لا يقبل الاتصاف بها كالجماد. وأهل الإثبات يقولون للنفاة: لو لم يتصف بهذه الصفات لاتصف بأضدادها من الجهل والبكم والعمى والصم، فقال لهم النفاة: هذه الصفات متقابلة تقابل العدم والملكة لا تقابل السلب والإيجاب، والمتقابلات تقابل العدم والملكة إنما يلزم من انتفاء أحدهما ثبوت الآخر إذا كان المحل قابلاً لهما كالحيوان الذي لا يخلوا إما أن يكون أعمى وإما أن يكون بصيراً لأنه قابل لهما بخلاف الجماد فإنه لا يوصف لا بهذا ولا بهذا.


(١) هذا العنوان للفصل ليس من الأصل

<<  <  ج: ص:  >  >>