للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكن له كفواً أحد) وقوله (وإن أحد من المشركين استجارك) وقوله (ذرني ومن خلقت وحيداً) وأمثال ذلك يناقض ما ذكروه فإن هذا الأسماء أطلقت على قائم بنفسه مشار إليه يتميز منه شيء عن شيء، وهذا الذي يسمونه في اصطلاحهم جسماً. وكذلك إذا قالوا الموصوفات تتماثل والأجسام تتماثل والجواهر تتماثل، وأرادوا أن يستدلوا بقوله تعالى (ليس كمثله شيء) على نفي مسمى هذه الأمور التي سموها بهذه الأسماء في اصطلاحهم الحادث، كان هذا افتراء على القرآن، فإن هذا ليس هو المثل في لغة العرب ولا لغة القرآن ولا غيرهما. قال تعالى (وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم) فنفى مماثلة هؤلاء مع اتفاقهم في الإنسانية فكيف يقال أن لغة العرب توجب أن كل ما يشار إليه مثل كل ما يشار إليه، وقال تعالى (ألم ترك كيف فعل ربك بعاد، إرم ذات العماد، التي لم يخلق مثلها في البلاد) فأخبر أنه لم يخلق مثلها في البلاد وكلاهما بلد فكيف يقال أن كل جسم فهو مثل لكل جسم في لغة العرب، حتى يحمل على ذلك قوله (ليس كمثله شيء) .وقد قال الشاعر: ليس كمثل الفتى زهيروقال: ما إن كمثلهم في الناس من بشرولم يقصد هذا أن ينفي وجود جسم من الأجسام، وكذلك لفظ التشابه ليس هو التماثل في اللغة قال تعالى (وأتوا به متشابها) وقال تعالى (متشابهاً وغير متشابه) ولم يرد به شيئاً هو مماثل في اللغة، وليس المراد هنا كون الجواهر متماثلة في العقل وليست متماثلة. فإن هذا مبسوط في موضعه بل المراد أن أهل اللغة التي بها نزل القرآن لا يجعلون مجرد هذا موجباً لإطلاق اسم المثل، ولا يجعلون نفي المثل نفياً لهذا فحمل القرآن على ذلك كذب على القرآن.

فصل

وقول القائل " المناسبة " لفظ مجمل فإنه قد يراد بها التولد والقرابة فيقال: هذا نسيب فلان ويناسبه. إذا كان بينهم قرابة مستندة إلى الولادة والآدمية والله سبحانه وتعالى منزه عن ذلك، ويراد بها المماثلة فيقال: هذا يناسب هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>