للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن هنا ضلة القرامطة الغلاة كصاحب الإقليد وأمثاله فأرادوا أن ينفوا عنه كل ما يعلمه القلب وينطق به اللسان من نفي وإثبات، فقالوا: لا تقول موجود ولا لا موجود، ولا موصوف ولا لا موصوف، لما في ذلك - على زعمهم - من التشبيه، وهذا يستلزم أن يكون ممتنعاً وهو مقتضى التشبيه بالممتنع على الله أن يشارك المخلوقات في شيء من خصائصها، وأن يكون مماثلاً لها في شيء من صفاته كالحياة والعلم والقدرة، فإن وإن وصف بها فلا تماثل صفة الخالق صفة المخلوق كالحدوث والموت والفناء والإمكان.

فصل

وأما قوله: التعجب استعظام للمتعجب منه - فيقال: نعم وقد يكون مقروناً بجهل بسبب التعجب، وقد يكون لما خرج عن نظائره، والله تعالى بكل شيء عليم، فلا يجوز عليه أن يعلم سبب ما تعجب منه بل يتعجب لخروجه عن نظائره تعظيماً له. والله تعالى يعظم ما هو عظيم أما العظمة سببه أو لعظمته. فإنه وصف بعض الخير بأنه عظيم. ووصف بعض الشر بأنه عظيم، فقال تعالى (رب العرش العظيم) وقال (ولقد آتيناك سبعاً من المثاني والقرآن العظيم) وقال (ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيراً لهم وأشد تثبيتاً، وإذاً لآتيناهم من لدنا أجراً عظيماً) وقال (ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم) وقال (إن الشرك لظلم عظيم) ولهذا قال تعالى (بل عجبت ويسخرون) على قراءة الضم فهنا هو عجب من كفرهم مع وضوح الأدلة. وقال النبي صلى الله عليه وسلم للذي آثر هو وامرأته ضيفهما " لقد عجب الله " وفي لفظ في الصحيح " لقد ضحك الله الليلة من صنعكما البارحة " وقال " إن الرب ليعجب من عبده إذا قال رب اغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، يقول علم عبدي أنه لا يغفر الذنوب إلا أنا " وقال " عجب ربك من شاب ليست له صبوة " وقال " عجب ربك من راعي غنم على رأس شظية (١) يؤذن ويقيم فيقول الله انظروا إلى عبدي " أو كما قال ونحو ذلك.


(١) الشظية قطعة مرتفعة في رأس الجبل وأصلها الفلقة المكسورة من العصا أو العظم أو الصدفة وغيرها مما ينكسر ويتشظى

<<  <  ج: ص:  >  >>