للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمقصود هنا الفرق بين ما هو مشروع سواء كان واجباً أو مستحباً، وما ليس بمشروع.

فالمشروع هو الذي يتقرب به إلى الله تعالى، وهو سبيل الله، وهو البر والطاعة والحسنات والخير والمعروف، وهو طريق السالكين، ومنهاج القاصدين والعابدين، وهو الذي يسلكه كل من أراد الله وسلك طريق الزهد والعبادة، وما يسمى بالفقر والتصوف ونحو ذلك.

ولا ريب أن هذا يدخل فيه الصلوات المشروعة واجبها ومستحبها، ويدخل في ذلك قيام الليل المشروع وقراءة القرآن على الوجه المشروع، والإذكار والدعوات الشرعية. وما كان من ذلك موقتاً بوقت كرفي النهار، وما كان متعلقاً بسبب كتحية المسجد، وسجود التلاوة، وصلاة الكسوف، وصلاة الاستخارة، وما ورد من الأذكار والأدعية في ذلك. وهذا يدخل فيه أمور كثيرة، وفي ذلك من الصفات ما يطول وصفه، وكذلك يدخل فيه الصيام الشرعي كصيام نصف الدهر وثلثه أو ثلثيه أو عشره وهو صيام ثلاثة أيام من كل شهر، ويدخل فيه السفر الشرعي، كالسفر إلى مكة وإلى المسجدين الآخرين، ويدخل فيه الجهاد على اختلاف أنواعه، وأكثر الأحاديث النبوية في الصلاة والجهاد، ويدخل فيه قراءة القرآن على الوجه المشروع.

والعبادات الدينية أصولها الصلاة والصيام والقراءة التي جاء ذكرها في الصحيحين في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، لما أتاه النبي صلى الله عليه وسلم وقال " ألم أحدث أنك قلت لأصومن النهار، ولأقومن الليل، ولأقرأن القرآن في ثلاث؟ " قال بلى. قال " فلا تفعل: فإنك إذا فعلت ذلك هجمت له العين، ونفهت له النفس (١) " ثم أمره بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، فقال إني أطيق أكثر من ذلك، فانتهى به إلى صوم يوم وفطر يوم فقال: إني أطيق أكثر من ذلك فقال " لا أفضل من ذلك " وقال " أفضل الصيام صيام داود عليه السلام، كان يصوم يوماً ويفطر يوماً، ولا يفر إذا لاقى. وأفضل القيام قيام داود، كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه " وأمره أن يقرأ القرآن في سبع.


(١) هجمت: أي غارت ودخلت في موضعها. ونفهت: أعيت وكلت

<<  <  ج: ص:  >  >>