للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما كانت هذه العبادات هي المعروفة قال في حديث الخوارج الذي في الصحيحين " يحقر أحدكم صلاته وصيامه مع صيامهم وقراءته مع قراءتهم، يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية " فذكر اجتهادهم بالصلاة والصيام والقراءة، وأنهم يغلون في ذلك حتى تحقر الصحابة عبادتهم في جنب عبادة هؤلاء.

وهؤلاء غلوا في العبادة بلا فقه فآل الأمر بهم إلى البدعة فقال " يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية. أينما وجدتموهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجراً عند الله لمن قتلهم يوم القيامة " فإنهم قد استحلوا دماء المسلمين وكفروا من خالفهم. وجاءت فيهم الأحاديث الصحيحة، قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى: صح فيهم الحديث من عشرة أوجه، وقد أخرجها مسلم في صحيحه وأخرج البخاري قطعة منها.

ثم هذه الأجناس الثلاثة مشروعة (١) ولكن يبقى الكلام في القدر المشروع منها. وله صنف كتاب الاقتصاد في العبادة. وقال أبي بن كعب وغيره " اقتصاد في سنة، خير من اجتهاد في بدعة ".

والكلام في سرد الصوم وصيام الدهر سوى يومي العيد وأيام التشريق وقيام جميع الليل، هل هو مستحب - كما ذهب إلى ذلك طائفة من الفقهاء والصوفية والعباد، أو هو مكروه - كما دلت عليه السنة وإن كان جائزاً؟ لكن صوم يوم وفطر يوم أفضل، وقيام ثلث الليل أفضل، ولبسطه موضع آخر.

إذ المقصود هنا الكلام في أجناس عبادات غير مشروعة حدثت في المتأخرين كالخلوات فإنها تشبه بالاعتكاف الشرعي. والاعتكاف الشرعي في المساجد كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله هو وأصحابه من العبادات الشرعية.

وأما الخلوات فبعضهم يحتج فيها بتحنثه (٢) بغار حراء قبل الوحي وهذا خطأ،


(١) أي الصلاة والصيام والقراءة
(٢) التحنث التعبد وأصله التنزه من الحنث وهو الاثم وزنا ومعنى كالتحرج ويقرب منه التحنف واصل معناه الميل عن القبيح
إلى الحسن والحنفية ملة إبراهيم واختلف في عبادة نبينا (ص) في غار حراء قبل النبوة فقيل كانت تفكرا وقيل غير ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>