للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حقاً، وتارة بواسطة الشياطين إذا كان باطلاً (١) والملائكة والشياطين أحياء ناطقون كما قد دلت على ذلك الدلائل الكثيرة من جهة الأنبياء، وكما يدعي ذلك من باشره من أهل الحقائق. وهم يزعمون أن الملائكة والشياطين صفات لنفس الإنسان فقط. وهذا ضلال عظيم.

الثالث أن الأنبياء جاءتهم الملائكة من ربهم بالوحي ومنهم من كلمه الله تعالى فقربه وناداه، كما كلم موسى عليه السلام، لم يكن ما حصل لهم مجرد فيض كما يزعمه هؤلاء.

الرابع أن الإنسان إذا فرغ قلبه من كل خاطر، فمن أين يعلم أن ما يحصل فيه حق؟ هذا إما أن يعلم بعقل أو سمع، وكلاهما لم يدل على ذلك. (٢)

الخامس أن الذي قد علم بالسمع والعقل أنه إذا فرغ قلبه من كل شيء (٣) حلت فيه الشياطين ثم تنزلت عليه الشياطين، كما كانت تتنزل على الكهان، فإن الشيطان إنما يمنعه من الدخول إلى قلب ابن آدم ما فيه من ذكر الله الذي أرسل به رسله، فإذا خلا من ذلك تولاه الشيطان، قال الله تعالى (ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطاناً فهو له قرين، وأنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون) وقال الشيطان فيما أخبر الله عنه (فبعزتك لأغوينهم أجمعين، إلا عبادك منهم المخلصين) وقال تعالى (إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا


(١) وأبو حامد قال هذا بعينه في شرح عجائب القلب واستشهد له بحديث الترمذي والنسائي في الكبير في لمة الملك بابن آدم ولمة الشيطان فهو لا يقول ان الملائكة والشياطين صفات للنفس بل يقول فيها ما قاله أهل السنة الجماعة في مواضع كثيرة من الأحياء فمن المستغرب من الشيخ انكاره عليه
(٢) فيه أنه إذا وافق الشرع يعلم به أنه حق وإلا حكم بأنه باطل كما روى عن الشيخ عبد القادر الجيلي الذي يعترف له شيخ الإسلام بالولاية والكرامات أنه رأى مرة نوراً وسمع منه خطاباً فيه أن ربه يقول له قد أحللت لك المحرمات،
فأجابه اخسأ يالعين، فانقلب دخاناً وقال له نجوت مني بفقهك
(٣) تفريغ القلب من كل شيء محال وانما يجتهدون في تفريغه من الخواطر التي تشغله عن ذكر الله ومراقبته كما صرح به أبو حامد

<<  <  ج: ص:  >  >>